كتب المحرّر السياسيّ
مع بلوغ دولار بيروت عتبة المئة ألف ليرة ودخوله عالم المجهول واحتمالات القفزات المتتالية طرح الخبراء الماليون السؤال حول مبرّر بقاء منصة صيرفة التي تمّ تبريرها بصفتها أداة للسيطرة على سعر الصرف، وثبت أنها دون جدوى على هذا الصعيد، وأن وظيفتها الفعلية تبرير الزيادات في فواتير الهاتف والكهرباء والضرائب والرسوم التي تمّ ربطها بسعر صيرفة يوم كان السعر منخفضاً، لكن بعدما ثبت أن الرفع الأخير لسعر صيرفة الذي تمّ تسويقه تحت شعار السيطرة على سعر السوق مجرد مناورة وخداع بصريّ صارت صيرفة مجرد منصة لحصر شراء الدولار بسعر منخفض بالمحاسيب وأصحاب النفوذ وغطاء لتحويل المزيد من الدولارات الى الخارج دون توازن وتكافؤ وباستنسابية فاضحة، بينما يواصل مصرف لبنان تبرير طباعة المزيد من الأوراق النقدية لتبرير شراء الدولارات من السوق لتمويل صيرفة بصفتها أداة صالحة وفعالة. وبإلغاء صيرفة يصبح إلزامياً منع حاكم المصرف من طباعة المزيد من الأوراق النقدية، وسط تأكيدات بأن خروج مصرف لبنان من سوق الصرف سوف يؤدي إلى انخفاض سعر الدولار بدلاً من ارتفاعه، لأن الوارد من الدولارات لا يزال أكبر من الصادر منها، لكن استيلاء مصرف لبنان عليها يحول دون تظهير هذا الانخفاض.
دولياً، بدت واشنطن تطلق خطاباً ناعماً حول الاتفاق الثلاثي الصيني السعودي الإيراني بخلاف المواقف الانفعالية التي صدرت فور الإعلان عن الاتفاق. فقد صرح جاك سوليفان مستشار الأمن القومي الأميركي بأن الاتفاق السعودي الإيراني على عودة العلاقات الدبلوماسية، «إيجابي في وقف تصعيد التوتر في المنطقة، وهو أمر طيب». وأضاف سوليفان، أن واشنطن «ليست في وضع يسمح لها بالوساطة» بين السعودية وإيران، ورأت مصادر سياسية أن هذه النعومة الأميركية ناتجة عن العجز عن القيام بأي خطوات تعطيلية للاتفاق قد تؤثر على الاستقرار في منطقة حساسة أصبحت مورداً وحيداً للنفط والغاز في العالم، بينما واشنطن المرتبكة في تداعيات حرب أوكرانيا، وقد أعلنت عن خسارة إحدى طائراتها المسيرة فوق البحر الأسود بواسطة اعتراض طائرة روسية مقاتلة لها، منشغلة أكثر بتداعيات انهيارات مصرفية متلاحقة، كانت قبل أول أمس لمصرف واحد، وصارت أول أمس لمصرفين، وصارت أمس لثلاثة، حيث أعلنت السلطات المالية الأميركية إفلاس بنك «سيغنتشر»، أكبر مقرض في مدينة نيويورك بموجب الائتمان للإسكان لذوي الدخل المنخفض، ليلحق بكل من «سيلفر جيت كابيتال بنك» الصديق للعملات المشفرة و»سيليكون فالي بنك» التابع لمجموعة «إس في بي فايننشال غروب».
في موسكو يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد الذي وصل الى موسكو على رأس وفد وزاري كبير، وبدا واضحاً من نوعية الاستقبال الرسميّ الذي لقيه الأسد في المطار والترتيبات المعدّة للزيارة بمستوى زيارة دولة رسمية، أن اجتماعات متعدّدة بين القيادتين الروسية والسورية سوف تتناول مستقبل العلاقات الثنائية وآليات تعزيزها وتطويرها، بالإضافة الى المساعي الروسية لمصالحة سورية تركية والدعوة للقاء رباعي روسي إيراني تركي سوري لا تزال سورية تتحفظ على المشاركة فيه، طلباً لخطوات تركية عملية ضد الجماعات الإرهابية شمال غرب سورية، ولموقف تركي واضح حول السيادة السورية يتصل بالالتزام بانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية وإعادتها الى السيادة السورية، بينما تحدثت المصادر الروسية عن أن البحث سوف يطال مسار العملية السياسية في سورية أيضاً.
لبنانياً، مع استمرار حال الترقب في الملف الرئاسي، واقتراب موعد إجراء الانتخابات البلدية والحاجة لحسم أمر إجرائها خلال الأيام القليلة المقبلة لتوجيه الدعوة للهيئات الناخبة، وتوقعت مصادر سياسية متابعة أن تشهد مرحلة ما بعد عودة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من زيارة الفاتيكان سلسلة مشاورات تتصل بالانتخابات البلدية، حيث تقول وزارة الداخلية أنها جاهزة لإجرائها وأبدت جهات دولية مانحة منها الاتحاد الأوروبي استعداداً لتمويل كلفتها، والجيش اللبناني والقوى الأمنية يدرسان خططاً أمنية لضمان إجرائها، ولو على مراحل، بانتظار القرار السياسي الذي تعترضه مواقف كتل نيابية وأحزاب سياسية مسيحية كبرى بمقاطعة انتخابات بلدية بيروت ما لم يتم تعديل القانون، ويخشى أن تأتي النتائج بصورة مؤذية للعيش المشترك في حال المقاطعة، وأن تتحول الانتخابات البلدية إلى إشارات انقسام طائفي خطير. وتقول مصادر قانونية واكبت انتخابات بلدية سابقة إنه في مرات كثيرة لم يتم تعديل القانون للتمديد للبلديات وتأجيل الانتخابات، ولم يتم إجراء الانتخابات، وتم لاحقا إصدار قانون يمدد الولاية من تاريخ انتهائها، واستمرت البلديات في هذه الفترة الممددة دون تمديد بنص تشريعي، بقوة إدارة المرفق العام. وتقول المصادر إنه من غير الوارد إجراء الانتخابات في كل لبنان باستثناء بيروت، وإن الأفضل هو استمرار الوضع على حاله لحين انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة ليتم النظر في الملف تشريعياً وإجرائياً.
2023-03-15 | عدد القراءات 881