المحاكم الدولية التي لاحقت يوغوسلافيا ولم تلاحق الأميركيين والإسرائيليين تلاحق بوتين/ أردوغان يكشف خبث نياته من طلب القمة مع الأسد رافضاً التعهد الواضح بسحب قواته / «الدكتيلو» ينظم احتفالية إعلامية لبطولات سلامة القضائية و«براءة حامي حمى الليرة والودائع»/
كتب المحرّر السياسيّ
بدون الشعور بأي حرج للاستنسابية التي طبعت أداءها بادرت المحكمة الجنائية الدولية التي رفضت بدء الملاحقة بحق قادة كيان الاحتلال بالجرائم الموثقة على مدى عقود طويلة بحق الشعب الفلسطيني، كما تهرّبت من ملاحقة الرؤساء الأميركيين المتعاقبين على الجرائم المرتكبة في حربي أفغانستان والعراق كحد أدنى، وقد ترتب عليها قتل مئات الآلاف من المدنيين، الى بدء ملاحقة بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تماماً كما وجهت شقيقتها المحكمة الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري تهماً مسندة بشهادات مزورة ووقائع ملفقة للمقاومة، وسبق للمحكمة الدولية أن فعلتها بعد حرب يوغوسلافيا، عندما كانت إحدى أدوات تفكيك وحدتها وتحويلها الى محميات لحلف الناتو.
في موسكو ردات الفعل تركزت على اعتبار الملاحقة بلا قيمة قانونية، لأن روسيا لم توقع على معاهدة المحكمة، واعتبرها المعلقون آخر تعبيرات الإفلاس العسكري والاقتصادي للرهانات الأميركية في الحرب العنصرية المفتوحة ضد روسيا والمواطنين الروس على مساحة الدول الغربية.
إقليمياً، كشف ردّ الرئاسة التركية على كلام الرئيس السوري بشار الأسد حول ربط اللقاء بالرئيس التركي رجب أردوغان عن صحة المخاوف التي عبر عنها الرئيس الأسد، بأن تكون الحركة التركية تحت عنوان تطبيع العلاقات مع سورية مجرد سعي انتخابي بعيد عن السعي الجدّي لحل المشاكل المترتبة على الاحتلال التركي والاحتلال الأميركي اللذين يتقاسمان شمال سورية احتلالاً، وتعاوناً مع التشكيلات الانفصالية والإرهابية، فجاء ما صدر عن الرئاسة التركية بأن الشروط التي وضعها الرئيس السوري غير مناسبة، لطرح السؤال الجدي أمام الشريكين في الرباعية الروسية الإيرانية التركية السورية، روسيا وإيران، هل تركيا تتطلع الى تطبيع العلاقات مع سورية مع بقاء الاحتلال التركي للأراضي السورية، واستمرار الكانتون الذي ترعاه تركيا شمال غرب سورية؟
لبنانياً، عاد الدكتيلو، الذي كان يرمز في الماضي إلى تعاميم الشعبة الثانية، يوم كانت مخابرات الجيش تعمّم على الصحافة ما يجب أن تتضمنه عناوين اليوم الثاني، ولكن هذه المرّة ليست مخابرات الجيش بل خلية الإعلام الخاصة بحاكم مصرف لبنان التي تموّل العديد من القنوات التلفزيونية والصحف والإعلاميين والمواقع الإلكترونية، لتخرج مانشيت واحدة في مقدمات نشرات الأخبار والتعليقات، مضمونها احتفالية بشجاعة وثبات ودقة ومهنية وحرفية وإتقان حاكم المصرف، لدرجة بات يستحق وسام الجمهورية من رتبة المتهم البريء، وصار السؤال عن جدية التحقيقات التي قال مصدر قضائي لكل وسائل الإعلام إنه معجب بأداء سلامة خلال التحقيق وقد أذهله بقدرته على الإقناع وامتلاكه أعصاباً باردة، فلم تعد مشكلة أن شقيقة سمسار بيع سندات لحساب مصرف لبنان مقابل عمولات يسدّدها الحاكم، وهو يعلم أن الزبائن يأتون الى شقيقه لأنه شقيقه، أي قمة الفساد، لكن يكفي أن ما سدّده له من عمولات من حساب المصرف هي مبالغ وردت من هؤلاء الزبائن، حتى كاد العدل يصرخ تحت وطأة سياط هؤلاء الجلادين، بريء والله بريء، والإعلاميون يردّدون كالببغاء أن الأسئلة بلغت مئة وستة وثمانين، يا الله لعبقرية وذكاء سلامة، يستحق جائزة نوبل للدقة وبرود الأعصاب، ولو كان مجرماً، فيكفي أنه ذكي وأعصابه باردة والاسئلة مئة وستة وثمانين، والتساؤل أمام هول الكارثة الأخلاقية التي شهدناها امس، هو هل ما يجري مجرد مسرحية ستنتهي ببراءة سلامة ومنحه حصانة من أي ملاحقة بعد نهاية ولايته، دون أن يسأله أحد، بأي حق أنفق سبعين مليار دولار من ودائع اللبنانيين على تثبيت سعر الصرف؟ وها هو السعر يبلغ زيادة قرابة مئة ضعف؟ ومن سيعيد الودائع؟
2023-03-18 | عدد القراءات 885