العالم الإسلامي موحّد في صيام اليوم في ظلال الاتفاق الإيرانيّ السعوديّ بعد سنوات التفرقة / خرازي: إيران بلغت تقنياً مرحلة القدرة على إنتاج قنبلة نووية… لكنها لا تريد / نصرالله لـ«الإسرائيلي”: روح بلّط البحر… والرد سريع وقويّ على أي استهداف /
كتب المحرّر السياسيّ
بعد سنوات من التفرقة بين المذاهب الإسلامية وتصاعد العصبيات المذهبية ومخاطر الفتنة، نمو التطرف والتكفير والإرهاب، يلتقي المسلمون على بدء صيام شهر رمضان في يوم واحد، وقد استفاد التطرف والإرهاب من الانقسامات التي وجدت طريقها بين المراجع الدينية والمراجع السياسية، خصوصاً الخلاف الإيراني السعودي، بحيث لم يكن ممكناً الفصل بين الصيام الموحّد وتوقيع الاتفاق الإيراني السعودي برعاية الصين، واعتباره بمثابة الضوء الأخضر للمعنيين بتحديد موعد بدء الصوم، الذين ربما كانوا يصلون سابقاً الى فرضيات تطابق المواعيد ويتفادونها في زمن الانقسامات والخلافات، بينما كان كافياً أن يتم الاتفاق الإيراني السعودي حتى يسهل توحيد موعد بدء الصوم.
في السياق ذاته كانت زيارة رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية في إيران كمال خرازي إلى لبنان، حيث نقلت قناة العالم عن خرازي خلال لقائه بنخب إعلامية وثقافية في بيروت قوله رداً على سؤال حول بلوغ إيران المرتبة التقنية التي تمكنها من إنتاج قنبلة نووية «إنه في الوضع الذي حققت فيه إيران تخصيب بنسبة 60٪، فإن التخصيب بنسبة 90٪ وما فوق ليس بالمهمة المعقدة». وأكد بالطبع أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تنوي في الأساس إنتاج قنابل ذرية، كما أنها لا تحتاج إلى هذا الموضوع، وأخيراً فتوى القيادة الدينية ضد إنتاج مثل هذه الأسلحة. أما عن موعد انسحاب القوات الايرانية من سورية فقال خرازي «إن تواجد إيران في سورية وخلافاً لوجود أميركا وتركيا في هذا البلد، هو وجود استشاري ويأتي بدعوة من الحكومة السورية». وأكد خرازي أن «أي تغيير في هذه الأوضاع يخضع لظروف سورية».
في الشأن الإقليمي والشؤون المحلية كانت إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، مصدراً لإعلان المزيد من المواقف، حيث أعلن أنّه «بشان حادثة شمال فلسطين الكل يواكب، وأنا أريد أن أقف عند نقطتين، بأن الجميع وقف عند صمت حزب الله، وإن كان له علاقة أم لا، وإن كان الشهيد من داخل، هذا الصمت هو جزء من إدارة المعركة، وهذا يربك العدو، فهو ضائع، فهل المطلوب منّا أن نشرح له الأمر من أجل أن لا يتهم؟ حزب الله ليس بخائف من ذلك، ليذهب العدو ويبحث عن الأمر وأحيانًا التعليق يكون بعدم التعليق»، مشددًا بشأن تهديدات الجيش الإسرائيلي، على أنّه «روح بلّط البحر وافعل ما تريد». وقال نصرالله، بأن «العدو يخشى بأن فتح حربٍ مع لبنان، يمكن أن يؤدي إلى حرب في كل المنطقة، فما تهددنا فيه يمكن أن يكون سبب زوالك، وعلى كل حال، اختم بأن أقول إن المقاومة عند وعدها وعهدها، بأن أي اعتداء على أي إنسان متواجد على الأراضي اللبنانية، سواء كان لبنانيًّا أو فلسطينيًّا أو من جنسية أخرى، أو الاعتداء على منطقة لبنانية، سنردّ عليه ردًّا قاطعًا وسريعًا، وهذا يجب أن يكون مفهومًا».
وأشار السيد نصر الله إلى أنَّ «عملية «مجدو» شمال فلسطين المحتلة، «أربكت العدو بمختلف مستوياته. وقد علّق أكثر على صمت حزب الله. وصمتنا هو من ضمن المعركة الإعلامية النفسية مع العدو، فليست مسؤوليتنا الإجابة على ما يربك العدو، وأحيانًا يكون جوابنا بالتمنُّع عن التعليق على الحادثة».
وتابع: «تهديدات العدو بأنه إذا ثبت مسؤولية الحزب عن «عملية مجدو» سيفعلون كذا وكذا وأنا أقول له «روح بلّط البحر».
ولفت إلى أنَّ الإسرائيلي اليوم «مأزوم ولم يمرّ في تاريخ هذا الكيان الغاصب المؤقت وهن، وضعف، ومأزق، وأزمة، وارتباك، وصراع داخلي، ويأس، وعدم ثقة، كما يحدث الآن»، وأكَّد أن قيادة العدو حينما يتولاها «حمقى بهذا المستوى ندرك أن النهاية اقتربت. وما يهدّدنا العدو به يمكن أن يكون سبب زواله».
وشدَّد نصرالله على أنَّ «المقاومة في لبنان عند عهدها وقرارها، بأن أي اعتداء على أي إنسان متواجد على الأراضي اللبنانية، سواء كان لبنانيًّا أو فلسطينيًّا أو من جنسية أخرى، أو الاعتداء على منطقة لبنانية، سنردّ عليه ردًّا قاطعًا وسريعًا، وهذا يجب أن يكون مفهومًا».
ويستبعد خبراء عسكريون ارتكاب العدو أي حماقة بالعدوان على لبنان لا سيما بعد تهديدات السيد نصرالله، وشدّدوا لـ»البناء» على أن «المعادلات السياسية والعسكرية في لبنان والمنطقة وحتى على الساحة الدولية تغيرت لصالح محور المقاومة، لا سيما بعد التعثر الأميركي في حرب روسيا وأوكرانيا، موضحين أن الإسرائيلي يعيش بقلق وإرباك كبير ويقرأ تغير موازين القوى في البيئة الاستراتيجية المحيطة به من الداخل الفلسطيني الى سورية ولبنان الى المصالحة الإيرانية السعودية الى الانفتاح العربي على سورية وانفتاح السعودية على الصين والأخيرة مع روسيا، ويشاهد أيضاً التعثر الأميركي في أوكرانيا والانكفاء عن المنطقة، ما جعله يفكر بشن حرب على لبنان أو على غزة لجر أميركا اليها لمحاولة تغيير المعادلة وانتزاع ضمانات أمنية تطيل بعمر كيانه وتفك مأزقه الداخلي، لكن بعد تهديدات السيد نصرالله سيفكر ألف مرة قبل خوض هذه المغامرة التي قد تكون نهايته».
وتطرق السيد نصرالله الى الملفات الداخلية، ولفت الى أن «المساعي في ملف رئاسة الجمهورية مستمرة، ونأمل أن ينعكس الهدوء الإقليمي والاتفاق الإيراني السعودي إيجابًا على الجهود الرامية لإنجاز هذا الاستحقاق، ولكن هذا الأمر يعتمد بالمقام الأول على الداخل، أما الخارج فهو فقط يخلق مناخًا لذلك».
وأشار إلى أنّ منطقة الخليج اليوم «كلها تتجه شرقًا، وها هي السعودية قد دعت الرئيس الصيني للرياض، وأقامت ثلاث قمم لأجله، وتتحدث الأرقام عن استثمارات بمئات ملايين الدولارات». وتساءل عن سبب الخوف والتباطؤ الحاصل في لبنان بخصوص التوجه شرقًا. «هذا الموضوع ليس فقط عند رئيس الحكومة، بل عنده وعند القوى السياسية».
ولفت إلى أنّ «مصير البلد متروك، وكلما تطرق أحد لذلك، خرجوا عليه بمعزوفة قانون النقد والتسليف، ملقين بالمسؤولية على الحاكم، علمًا أن قضيةً بهذا الحجم ليست مسؤولية شخص واحد، إنما هي «مسؤولية كل القوى السياسية في البلد»، معتبرًا أنَّه ما من خلاف حول «أن أحد أسباب تقوية الاقتصاد هو جلب الاستثمارات، وها هو الصينيّ جاهز ومستعدّ للبدء بمشاريع، دون أن يدفع اللبناني أي فلسٍ، ودون خوف من الأميركي»، وبلا أي صعوبات اقتصادية، «وهذا بالتأكيد سيحسّن الوضع الاقتصادي».
وأوضح أنَّ «إنقاذ الوضع والليرة بحاجة لخطة شاملة حقيقية متعددة الأبعاد، ولطالما دعونا في البلد إلى وضع الخلاف السياسي جانبًا وإقامة طاولة حوار اقتصادية، بغية معالجة قضية سلاح المقاومة. كلهم جاهزون لطاولة السلاح هذه. أما طاولة حوار لإنقاذ الوضع المعيشي والاقتصادي، فهذا كلام لا أحد يقف عنده أصلًا».
وكان محيط السراي الحكومي ومجلس النواب شهد تظاهرة احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية تحوّلت الى مشاجرة بين العسكريين المتقاعدين الذين حضروا بقوة في رياض الصلح، وبين ممثلي المجتمع المدني الذين سبق ودعوا الى الاعتصام في المكان نفسه، وقام العسكريون المتقاعدون على طرح النائب نجاة صليبا والناشط واصف الحركة، وحاولوا الدخول الى السراي الحكومي فاصطدموا مع عناصر مكافحة الشغب والحرس الحكومي ما أدى الى سقوط عدد من الجرحى في صفوف المتظاهرين واعتقال عدد آخر منهم، وبعد هرج ومرج دخل وفد من العسكريين المتقاعدين ضم النائب السابق شامل روكز والعميد جورج نادر الى السراي واجتمعا مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وتمّ عرض مطالبهم. ووعد ميقاتي الوفد، بإدراج مطالبهم على الجلسة الأولى التي يعقدها مجلس الوزراء الأسبوع المقبل.
2023-03-23 | عدد القراءات 878