ناصر قنديل
– خلال أسبوع أغرق الإسرائيليون الإعلام برسائلهم الهادفة إلى جس النبض حول كيفية التعامل مع قضية عملية مجدو التي شكلت صفعة استخبارية كبيرة لجيش الاحتلال، فأطلق قادة الكيان السياسيون والعسكريون أكثر من بالون اختبار. فبعد الحديث عن دور حزب الله في العملية والإعلان عن ارجحية انتساب منفذ العملية الى الحزب وقيامه بعبور الحدود عبر نفق، وإعلان عن نية الرد إذا ثبت أن لحزب الله دوراً في العملية مهما كانت النتيجة، ثم إعلان عن ترجيح عدم وجود علاقة لحزب الله بالعملية، واعتماد رواية تقول إن المنفذ عبر الحدود اللبنانية، لكنه ينتمي إلى أحد المخيمات الفلسطينية، والتأكيد على نية الرد على مصدر العملية، والجهة التي تقف وراءها، كإشارة الى فصائل المقاومة الفلسطينية في المخيمات.
– لم يكترث حزب الله للتحرش الإسرائيلي إعلامياً، واختار الصمت، الذي قال الأمين العام لحزب الله أمس، إنه من صلب الرد الذي قرره الحزب لإرباك جيش الاحتلال، وفي التدقيق بما قاله السيد نصرالله لن يعثر الإسرائيليون على أي جواب يتصل بالفرضيات التي تداولها الإسرائيليون حول عملية مجدو. وها هو السيد نصرالله يقول لهم، لسنا معنيين بـ تبديد شكوكهم أو تأكيدها، ولا مهمتنا مساعدتكم على حل المعضلات التي تعجزون عن حلها، بل سنفعل كل ما يزيد إرباككم إرباكاً، أما لجهة الفرضيات العملية لاحتمالات الرد الإسرائيلي، فلم يبق السيد نصرالله مجالاً للتأويل، وكان شديد الوضوح، ان أي عمل أمني او عسكري لاستهداف اي ارض لبنانية او أي شخص فوق الأرض اللبنانية، لبنانياً كان أم فلسطينياً، سوف ترد عليه المقاومة بقوة وسرعة، وقد يكون ذلك بداية حرب سيكون مصير كيان الاحتلال فيها مطروحاً على الطاولة.
– كلام السيد نصرالله قد يكون بنظر البعض امتداداً وتأكيداً للسقوف التي رسمها سابقاً في معادلات الردع، ولكن هذا غير صحيح، لأن ما قاله السيد نصرالله بالأمس اذا جمعنا الرواية الاسرائيلية الى معادلة السيد للرد، هو ببساطة، أنه إذا قامت الفصائل الفلسطينية بعملية عبر الحدود اللبنانية، وقرّر جيش الاحتلال الرد عليها في لبنان، فإن المقاومة ستعتبر أن أي استهداف لأي بقعة أرض لبنانية او أي شخص فوق الارض اللبنانية، لبنانياً وفلسطينياً، عدواناً يستدعي الرد القوي والسريع، ولو كانت النتيجة أن تتدحرج الأمور إلى الحرب، وهذا يعني أن على جيش الاحتلال أن يعتبر أن قواعد الاشتباك الجديدة تلزمه بتحمل تبعات فشله بمنع التسلل عبر الحدود، عبر تقبل ما ينتج عن التسلل إذا عبر الحدود، لأنه سوف يكون مجبراً على الصمت بعد ذلك تحت طائلة التعرّض لرد قوي وسريع يهدد بالذهاب الى حرب.
– هذا التراكم في معادلات الردع التي ترسمها المقاومة، منذ دخول المقاومة على خط ترسيم الحدود البحرية عبر المسيّرات التي استهدفت منصة كاريش، وفتحت طريق التفاوض نحو الاتفاق، يقول إذا أخذنا بالاعتبار تهديد السيد نصرالله باستهداف كيان الاحتلال وصولاً للحرب اذا ما مضى الأميركيون يدفعون لبنان نحو الفوضى، فإن المقاومة تستشعر لحظتها التاريخية المتمثلة بالتفوق الاستراتيجي في كل المجالات العسكرية على جيش الاحتلال، مقابل مأزق الكيان المتنامي ومأزق جيش الاحتلال عسكرياً في زمن الصعود الفلسطيني، والمقاومة تراكم معادلات الدرع بقواعد اشتباك جديدة، وهي بجهوزية مستمرة منذ الترسيم، تعتقد بأن فائض القوة لم ينل ما يعادله في اتفاق الترسيم، وما لم يفهم الكيان هذه المعادلة ويترجمها بخطوة كبيرة، بحجم وقف الغارات على سورية على سبيل المثال، سوف تكون أي حادثة قابلة للتحوّل الى حرب لا يعرف أحد إلى أين سوف تتدحرج؟
– رسالة السيد هي جاهزون للحرب، فاركبوا أعلى ما في خيلكم، أو تراجعوا، وفتشوا عن نقطة التراجع التي ترضي المقاومة لتفادي خطر الحرب!
2023-03-23 | عدد القراءات 1009