قال دبلوماسي عربي تعليقاً على زيارة الوزير القطري للشؤون الخارجية محمد بن عبد الرحمن الخليفي إلى بيروت، أن الطائرة القطرية حطت في بيروت بدلاً من دمشق بالخطأ، وأضاف أنّ القيادة القطرية التي بقيت وحيدة بين العواصم العربية التي قطعت أشواطاً نحو إعادة الحرارة الى العلاقة مع الدولة السورية تريد مسرحاً بديلاً لهذا الغياب فاختارت لبنان، لتقول عبره إنها لاعب في مسرح المشرق العربي، وتفتح الباب لتصليب المعارضة الواقفة تحت الراية السعودية اليوم أملاً بوراثتها إذا تغيّر الموقف السعودي غداً، خصوصاً إذا جاء التغيير السعودي على قاعدة التوجه للتعاون مع سورية، وهذا يعني انّ الكلام عن حركة قطرية منسقة مع السعودية هو كلام الراغبين بالتمتع بالمكرمات القطرية دون إزعاج علاقتهم بالسعودية لأنّ جوهر الحركة القطرية موجه للسعودية أكثر من باريس بخلاف ما يقول الظاهر.
قطر كانت في الماضي أكثر الدول العربية براغماتية، وإدراك العلاقة بين صناعة الدور السياسي وفهم اللحظة وتعقيداتها وملاقاة التغييرات، أكثر من علاقته بالحجم والقدرات والإمكانات، إذا تمّ التمترس وراء حسابات تنتمي لزمن مضى، وإذا حكم استثمارها العناد والكيد السياسي، وبهذا التميّز نجحت قطر بإقامة جسور مميّزة مع سورية والمقاومة فتحت لها الأبواب للعب أدوار في ملفات لبنان، وهذا هو مغزى قمة الدوحة كمكافأة لقطر على موقفها المتميّز في حرب تموز 2006، وكثيرة هي الأمثلة المشابهة للدوحة التي ارتبط فيها الدور بالنباهة والاستشراف، بينما كانت الدول العربية الكبرى مثل السعودية أسيرة التمترس وراء العناد، لكن تغييراً كبيراً جرى منذ ما عرف بالربيع العربي، حيث تصدّرت قطر حروب مصر وتونس وسورية لتزعيم تنظيم الإخوان المسلمين على هذه الدول، ورغم الفشل بقيت الدوحة تلعب كالمقامر الخاسر، تبدّد مزيداً من الأرصدة أملاً بربح يعوّض الخسائر، وهي لا تزال تخسر.
التموضع السعودي الجديد يعلن نهاية زمن التفوق القطري بالبراغماتية، حيث تحتلّ الرياض المكانة القطرية السابقة وتحتلّ قطر المكانة السعودية السابقة، مع فارق الإمكانات والمكانة، وإذا كانت السعودية بمكانتها وإمكاناتها قد خسرت أمام قطر في منافسة الدور بسبب تفوّق النباهة على العناد، فماذا سيكون عليه حال قطر في هذه المنافسة العكسية؟
2023-04-05 | عدد القراءات 970