ناصر قنديل
– كيف يفكر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي ترافقه في زيارة الصين رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي يقال إنها تمثل المتطرفين في دعم أوكرانيا في الحرب مع روسيا ونشر حالة العداء لروسيا، وكيف تفكر رئيسة المفوضية، وكيف يفكر مفوّض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي سوف يزور الصين منتصف الشهر الحالي، ومثله رئيسة حكومة إيطاليا جورجيا ميلوني؟ فهل لديهم ما يقول إنهم يملكون أوراق تتيح لهم نقل الصين من الشراكة الاستراتيجية مع روسيا سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، الى شراكة بديلة مع الغرب، خصوصاً من بوابة حرب أوكرانيا؟ بينما أوكرانيا تعيش أسوأ أوقاتها عسكرياً مع تلميحات رئيسها فلاديمير زيلينسكي باحتمال الانسحاب من مدينة باخموت، بعد كلامه عن أن الانسحاب يعني خسارة الحرب، أم أن لدى أوروبا ما تقوله اقتصادياً للصين عن أنها من القوة بمكان ما يلزم الصين بأخذ موقفها في الحساب؟ فيما أوروبا تعيش أسوأ أوقاتها اقتصادياً وشارعها يشتعل، ونظامها المصرفي يعاني الصعوبات، وهي مرتهنة باستيراد 856 مليار دولار سنوياً من الصين لا تستطيع أن تصدر أوروبا مقابلها أكثر من الثلث؟
– ما لم تستطع أوروبا فعله مع الصين قبل سنة لن تستطيع فعله اليوم، وروسيا تزداد قوة والصين تزداد انجذاباً إليها، وشراكة معها وتحت شعار مشترك واضح هو إنهاء الهيمنة الأميركية على العالم، وأوروبا شريك الأميركيّ في نظام الهيمنة يزداد ضعفاً. والمبادرة الصينية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، هي المبادرة التي قال عنها الأميركيون إنها محاولة لإضفاء الشرعية على الحرب الروسية، وتبرير بقاء الأراضي الأوكرانية تحت السيطرة الروسية. ويقول الرئيس الفرنسي إنها يمكن أن تشكل فرصة لإنهاء الحرب داعياً الصين الى عدم اليأس من المبادرة السياسية. والواضح أن الزحف الأوروبي الى بكين، لا يجري تعبيراً عن قرار أوروبي أميركي بقدر ما يمثل حراكاً أوروبياً لا يحظى بالمباركة الأميركية فرضته الضائقة الأوروبية، والشعور بالورطة، والعجز عن تحمل تبعات الاستمرار في تحمل تبعات خيارات انتحارية بلا أفق، حيث تستورد أوروبا أزمات أميركية بالجملة، من النظام المصرفي الى أسعار الطاقة المرتفعة، إلى حرب لا أفق لربحها في أوكرانيا، بينما لم يبق لها بعد تدمير الجسور مع روسيا، سوى الوقوف في منتصف الطريق بين موسكو وواشنطن على الطريقة السعودية والادعاء أن بكين في منتصف الطريق، رغم إدراك أن الصين بالمقياس الأميركي هي مصدر الخطر وليس روسيا.
– المسار سيكون مموّها نحو الصين بعنوانين، اقتصادي وسياسي، الاقتصادي ينطلق من حجم المصالح المشتركة، لكن الأهم من كون الصين أكبر حامل دولي لكتلة نقدية عائمة، تحتاج أوروبا مساندتها لعدم السقوط السريع، وسوف يعرض الأوروبيون على الطاولة مشاريع بناء منصات تسييل الغاز، وأنابيب النقل، وبيع حصص من المصارف والموانئ والشركات العامة، وصولاً لتلزيم قطاع الاتصالات، وسياسياً سوف يطرح الأوروبيون على الصين الحاجة لتفعيل مبادرتها لإنهاء الحرب في أوكرانيا والاستعداد لدعم هذه المبادرة مع تطوّرات عسكرية يعرفون أنها لم تعد بعيدة، ستجعل أوكرانيا مستعدّة لقبول الجلوس الى طاولة مفاوضات دون أن يكون الانسحاب الروسي شرطاً مسبقاً، وفق ما تقوله المبادرة الصينية المقبولة من روسيا، بوضع قضيتي السيادة وحق تقرير المصير على الطاولة، أي الأراضي الأوكرانية من جهة، وحقوق شعوبها باختيار مرجعيتهم السيادية من جهة موازية.
– مهما سوّق الأوروبيون لزحفهم نحو بكين بصفته عدم انفصال عن واشنطن، فهو ابتعاد عن الانضباط بحساباتها بالتأكيد، تماماً كما هو المسار السعودي، والمسار التركي، والحبل على الجرار.
2023-04-06 | عدد القراءات 934