السودان والثقب العربي الأسود التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل

السودان والثقب العربي الأسود 

التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل

- كل الدول العربية متهمة أميركيا بعدم مراعاة المعايير الديمقراطية إلا السودان، وهذا ما يقوله إجماع آلاف المؤسسات والجمعيات الحقوقية عبر العالم على أنه منذ إسقاط الرئيس عمر البشير ثمة مسار ديمقراطي واعد في السودان، وهو ما لا يقال عن أي بلد عربي آخر، حتى البلدان الصديقة للغرب و الحليفة لواشنطن لا تحظى بما يحظى به السودان من اشادة بالمسار الديمقراطي، والمفارقة ان القوى التي تقود هذا المسار "الديمقراطي الواعد" تصر على رفض إجراء انتخابات يختار الشعب عبرها من يمثله في مؤسسات الحكم، لفترة بين ثلاثة وخمس سنوات تطلب ان تتسلم خلالها مقاليد السلطة، تحت مسمى حكم مدني، دون انتخابات، يعني بصورة فوقية انقلابية مصدرها الدعم الخارجي، بذريعة أن الانتخابات الآن ستجهض أهداف الثورة ؟!

- هذا المصطلح، الحكم المدني صار بديلا لحكومة منتخبة، وهو كلمة السر التي أطلقت الحرب التي تدمر السودان الآن، والتي يقول الخبراء انه كان ممكنا تفاديا لو كان البديل لمصطلح حكم مدني حكومة منتخبة، مضى على فرص اقامتها أكثر من اربع سنوات، وفي هذه الحرب حيث يتقاتل جماعة أميركا، ودعاة التطبيع مع كيان الاحتلال، ويجري تحويل سواد العرب، أي أرضهم الخصبة التي تكفيهم كسلة غذائية، إلى ثقب أسود لأمنهم القومي، تهدد عبره السعودية من شواطئ الاستقرار التي تحتاجها على ضفاف البحر الأحمر، وهي تنجز تسوية في حرب اليمن لتأمينها، وتستهدف منه مصر في جنوبها الطبيعي، وتهتز مقومات أمنها المائي في مواجهة أثيوبيا مع خروج السودان من المعادلة، ويأتي اعلان وقف اطلاق النار من وزير الخارجية الأميركية، وتعلن  كل من وزارة الخارجية في حكومة كيان الاحتلال  وجهاز الموساد متابعة مساعيها لوقف الحرب.

- كثيرون كانوا يتساءلون عن الوضع العربي بعد وقف حرب اليمن، وآخرون يتساءلون عن كيف يمكن لواشنطن الرد على التموضع السعودي الجديد، وآخرون يقولون كيف ستمسك واشنطن بيد القاهرة التي تتيح الضغط، والأهم من يسألون كيف تستقيم ديمقراطية بلا انتخابات، ومن اخترع مصطلح الحكم المدني بديلا للحكومة المنتخبة، والجواب بأن التطبيع في السودان يفسر كل ذلك ويبرر كل ذلك، بانتظار قوى السودان الحية تلاقي مساع حقيقية من القاهرة والرياض لاستعادة السودان من براثن الوحوش المحليين ومن بين مخالب الوحش الدولي والاقليمي.

2023-04-19 | عدد القراءات 2192