لست ادري ما الذي يراهن عليه زيلينسكي في آخر تجلياته ، والتي أتحفنا فيها بأنه سيتمكن في هجومه المضاد ، والمزمع شنّه في غضون أسابيع قليلة ، ان لم نقل أياماً قليلة ، من استعادة الدونباس ، وليس الدونباس فحسب ، بل شبه جزيرة القرم … على ماذا يتّكئ ، وعلى أي أساس أقام حساباته المتفائلة إلى حد الهلوسة … استعادة الدونباس ، ومن ثمّ السيطرة على شبه جزيرة القرم تحمل في طياتها إلحاق هزيمة استراتيجية كبرى بالجيش الروسي الجبار … ووضع روسيا العظمى على شفير الزوال … روسيا التي تمتلك ثاني أقوى جيش في العالم تقليديًا … والأول نوويًا … وسلاح المدرعات الأول في العالم … وفوق هذا وذاك ، هي تخوض معركة وجودية لا تمتلك ازاءها سوى خيار الانتصار البائن والحاسم … هل تذكرون حرب تشرين العربية ضد اسرائيل … والتي حوّلها السادات بقدرة قادر من حرب تحرير الى حرب تحريك خضوعًا لإرادة هنري كيسينجر… اعتقد ان زيلينسكي يسير في نفس المخاض … هو يريد استدارة تحريكية لانتزاع الموقف من حالة شبه الستاتيكيا التي وصلت اليه ، وفي ظل مكاسب استراتيجية جغرافية انتزعتها روسيا … حتى تنقل المعركة الى مائدة المفاوضات في ظل المبادرة الصينية ، والتي لا يوجد غيرها في كواليس السياسة الدولية … المبادرة التي تدعو الى وقف اطلاق النار ، والانخراط من ثمّ في مفاوضات لحل النزاع … وهي في صميم المنطق اللامباشر للمشهد ، تحمل في طياتها اعتراف أوكراني ناتوي بالهزيمة في حالة القبول الغير مشروط بالانسحاب من أراضٍ تم كسبها في ساحات القتال … أقصى ما يستطيع زيلينسكي الحصول عليه هو موافقة روسية على اجراء استفتاء بإشراف دولي لتقرير مصير الدونباس … اما شبه جزيرة القرم ، فلا تكاد أحلام زيلينسكي في استعادتها تبتعد كثيرًا عن أحلام إبليس في الجنة … سيقول له لافروف بالفم الملآن … القرم يا فلودومير هي خارج نطاق البحث … إلعب بعيد يا شاطر .
سميح التايه
2023-05-02 | عدد القراءات 540