اللقاء السوري التركي وخارطة الطريق
التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل
- أكد التمسك السوري بالثوابت الواضحة أنه مثال عملي على كيفية جمع المبادئ بالدبلوماسية والتكتيكات السياسية، وسورية أكدت لحليفيها الكبيرين في روسيا وإيران، أنها تشترك معهم في الرؤية التي تقول بأهمية احتواء تركيا وتشجيعها على المضي قدما في الابتعاد عن السياسات الأميركية، لكنها تؤكد أن تقديم جوائز من السيادة السورية لإغراء تركيا يعني ثلاثة أخطاء قاتلة، الأول هو تشجيع تركيا على اللعب والمناورة والخداع والكذب والنكول بالتفاهمات وتبني الإرهاب والرهان على ضم أجزاء من سورية، والثاني هو اسقاط نموذج العلاقات الدولية الجديد الذي تبشر به روسيا وإيران عبر المثال السوري، عندما تسقط فكرة دولة الاستقلال الوطني ومفهوم السيادة والقانون الدولي ويظهر عدم الوفاء للحلفاء ، وهذه هي العناصر الحاكمة في المآخذ على السياسات الأميركية وفي ما تعد روسيا وايران بانها ستفعل عكسه، والخطأ الثالث هو ان عدم الالتزام التركي بالانسحاب من الأراضي السورية يعني تقديم غطاء مجاني لبقاء القوات الأميركية ، وعدم معاملة القوات التركية كقوات احلاتل يعني فعل الشيء نفسه مع لاقوات الأميركية، وان ايجاد اعذار لاقتطاع جزء من سورية واقامة كنتون للارهابيين فيه في ادلب يعني تغطية ما يجري في شرق سورية، وما قدمته سورية هو استبدال حقها بالمطالبة بالانسحاب من أراضيها كشرط للمصالحة مع تركيا الى العتبار الالتزام بهذا الانسحاب ضمن جدول زمني هو شرط الحد الأدنى لاعادة العلاقات التنسيقية ومن ضمنها تنسيق الانسحاب.
- سقطت رهانات الكثيرين على تصدع حلف سورية مع روسيا وإيران بسبب هذا الموقف، وسقطت الأوهام حول تغير في العلاقة الروسية السورية والإيرانية السورية، وكلام الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد بعد لقاءاته بكل من الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والإيراني السيد ابراهيم رئيسي، وما تضمنه من تأكيد على الالتزام التركي بالانسحاب من سورية كشرط للمصالحة، تأكيد على نجاحه بإقناع حليفية باعتباراته ومقاربته، وهو تأكيد لنجاح مفهوم التمسك بالسيادة في كل مقاربة لفكرة الدولة الوطنية المستقلة الذي تجسده سورية، فتقاتل أعداءها دفاعا عنه، وتتمسك به معيارا لعلاقتها بالحلفاء.
- خلال تسلسل اللقاءات من نواب وزراء الخارجية إلى وزراء الدفاع ورؤساء الأركان والمخابرات وصولا للقاء وزراء الخارجية ضمن الرباعية الروسية الإيرانية التركية السورية، بطلب تركي، تسليم بأحقية المقاربة السورية، وتعبير عن شعور تركيا بالحاجة للتقدم لملاقاة الموقف السوري، وفي اجتماع وزراء الخارجية كان البيان الوحيد الذي يصدر بصورة مشتركة عن المجتمعين، وفيه تأكيد على التوافق على اجتماع جديد على مستوى نواب وزراء الخارجية لوضع خارطة طريق للمصالحة، ومعلوم ومؤكد أن التوافق تم على تضمين خارطة الطريق ثلاثة محاور للتعاون بالتوازن في مسارات التقدم فيها، مسار السيادة السورية، ومسار وحدة سورية، ومسار عودة النازحين، ومسار سيادة سورية يعني التعاون في تفكيك الجماعات الإرهابية، وجدولة انسحاب القوات الأجنبية والمعني هنا الجيش التركي وتسليم السيطرة للجيش السوري وبسط سيادته على أراضيه، ومسار وحدة سورية يعني إنهاء الكانتونات شمال شرق وشمال غرب سورية، وفقا لجدول زمني مواز لجدول بسط السيادة والانسحاب، ومسار عودة النازحين، يتضمن جداول عملية للعودة من ضمنها تعاون في اعمار البنى اللازمة لاستيعاب العودة، من ضمن مناقشة الرباعية والتزام اطرافها.
- مرة أخرى تنجح سورية بتأكيد القدرة على الجمه ببراعة بين مفهوم الدولة الوطنية ومقتضيات البراغماتية والواقعية السياسية، وهما مفردتان تعنيان عند الذين يروجون لفلسفة الضعف، الاستسلام والتخاذل والتراجع.
2023-05-10 | عدد القراءات 543