/سميح التاليه : القدرة على الحشد … والانطباع المخاتل

 

لو اننا نستعرض بتمعّن وبتدقيق حصيف كل تلك المواجهات والحروب التي أسفرت عن نكبة هناك ، او نكسة في مكان آخر ، واندحار في موقع ثالث ، لوجدنا ان القاسم المشترك الاعظم الذي أدى الى هذه الخواتيم هو القدرة المصادرة على حشد الإمكانيات الحقيقية لمجمل معسكر التصدي … في حرب 1948 ، حشدت " إسرائيل " أكثر من 75 ألف مقاتل مدججين بأفضل أنواع الأسلحة ، وحظوا بتدريب رفيع في دول الغرب ، بل وخاضوا تجارب عملية في ساحات القتال خلال الحرب العالمية الاولى والثانية … مقابل ذلك ، حشد العرب حوالي 35 ألف مقاتل ، مدججين بسلاح فاسد عفى عليه الزمن ، وتلقوا تدريبًا لا يرقى الى مستوى التدريب المعاصر في ذلك الوقت … والتفسير الوحيد لما حدث هو ان الصهيونية العالمية ومن خلال تحالفها العضوي مع القوى الإمبريالية تمكنت من السيطرة على مفاصل صنع القرار في العواصم العربية … فتفتّق هذا المشهد السوريالي عن كارثة مدوّية ، حينما تمكن تجمع بشري لا يزيد عن واحد في المئة من الأمة العربية من حشد أكثر من ضعف ما استطاعت هذه الامة حشده للقتال … تمامًا كما لو ان جسماً بشريًا ، و لسبب ما غير مفهوم ، تقاعست كريات الدم البيضاء فيه عن التصدّي لهجمة من الفيروسات ، فترتب على ذلك ما ترتب من تهديد لحياة ذلك الجسم … ان المأزق الذي يعاني منه هذا الكيان الزائل معاناة وجودية الآن ، يتلخص في تمكّن محور المقاومة ، رغماً عن السعي الدؤوب ، والمحاولات المضنية لقوى الهيمنة ، والصهيونية العالمية والكيان الهش ، من حشد راسخ صلب متماسك وذو كتلة وازنة ، سواءً في الشمال أو في الجنوب ، وهو يواصل ترسيخ وجوده كمّاً وعددًا ونوعًا وتسليحاً ، بحيث أضحى ، وفي حالة اندلاع صراع شامل ، يشكل تهديداً وجوديًا لهذا الكيان .
سميح التايه 

2023-05-16 | عدد القراءات 512