أيار : يجب ألا ننسى التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل

17 أيار : يجب ألا ننسى

التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل

- عام 1983 وبعد أقل من سنة على بدء الاجتياح الإسرائيلي للبنان صوت مجلس النواب اللبنانية على اتفاقية ثلاثية لبنانية إسرائيلية اميركية، تربط الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلة بشروط تعهد لبنان بتنفيذها، منها انسحاب القوات السورية من البقاع والشمال، وإعلان إنهاء حال الحرب ودخول مرحلة السلام، وتأمين ترتيبات أمنية اسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية، وتشكيل لجنة مشتركة لتطبيع العلاقات، وتقييد حرية الإعلام والتعبير وتشكيل الأحزاب باعتبار العداء لاسرائيل جرما يعاقب عليه القانون، وانسحاب لبنان من كل معاهدة مخالفة بما فيها ميثاق الدفاع العربي المشترك واتفاقية مقاطعة اسرائيل.

- من أصل 90 نائبا أحياء في المجلس المنتخب عام 1972 صوت 65 نائبا مع الاتفاق الذي أحاله رئيس الجمهورية أيمن الجميل الى المجلس النيابي، وغاب عن الجلسة 19 نائبا وتحفظ نائب واحد وامتنع ثلاثة نواب عن التصويت، ووقف نائبان هما زاهر الخطيب ونجاح واكيم برفض واضح للاتفاق، والحصيلة 2 مقابل 65 .

- بمقدار ما تعبر هذه الصورة عن المشهد السياسي اللبناني الذي لا تزال مكوناته بتسميات جديدة مختلفة حاضرة في الواقع اللبناني، فإن صورة قرار مجلس الوزراء في 5 آذار 1984، أي بعد أقل من عام بإعلان اعتبار الاتفاق كأنه لم يكن، بعدما تمكنت انتفاضة 6 شباط 1984، من فرض معادلة قوة قلبت الموازين التي تأسس عليها الإتفاق، تقول ان في لبنان لا مشكلة لدى من يفعل الشيء أن يفعل عكسه، وأن المواقف لا تبنى على المبادئ بل على موازين القوى، وأن التأقلم مع المنتصر والقوي سمة من سمات السياسة اللبنانية، وأن هذه السمة تحكم أشد القضايا اتصالا بمفهوم السيادة والاستقلال والوطنية، فكيف بسواها؟

- لم يكن بين مؤيدي ومعارضي الاتفاق الا اثنين يتمسكان بالمبدأ ويبنيان عليه المواقف، والباقي حتى الرئيس الذي قاد التفاوض وارسل الاتفاق الى مجلس النواب، فهو مستعد لإلغائه مع تغير الموازين.

- يجب ألا ننسى ونبقى نتذكر أن الرهان على تغيير المواقف من الصراع مع كيان الاحتلال ممكن عبر الشرح والإقناع وتقديم المعادلات، هو أقرب الى الهراء، بينما إثبات ضعف الكيان وامكانية هزيمته وحجم قدرة وقوة المقاومة، أسباب كافية لتغيير القناعات، وهذا يعني ببساطة أن لبنان بلا المقاومة وحضور قوتها وسلاحها، احتمال مفتوح على التطبيع، وليس على استراتيجية دفاعية كما يحاول البعض اقناعنا، لأن ما يقوله التخلص من المقاومة وسلاحها هو أن موازين القوى لصالح الكيان، فيقول الجمع ولم لا نقوم بالتطبيع لنيل رضاه ومنع اذاه عنا، وليس هيا بنا الى استراتيجية دفاعية تحمينا منه!

 

2023-05-17 | عدد القراءات 670