أردوغان وعقدة سورية
التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل
- لا يمكن المرور عند كلام الرئيس السوري من منبر الجامعة العربية عن خطر عثمانية جديدة بنكهة إخوانية بصفته أحد الأخطار التي تهدد الوضع العربي دون القراءة بين سطور هذا الكلام، و الرئيس الأسد الذي أبدى منذ أسابيع انفتاحا على مصالحة ومصافحة الرئيس التركي رجب أردوغان ضمن اطار الرباعية الروسية الايرانية السورية التركية، كان قد وضع شرطا لتلبية رغبة حليفيه الروسي والإيراني بتحقيق المصالحة، وهو التزام تركي واضح بالتسليم بان السيادة على الأراضي السورية لا يمكن أن تكون إلا للجيش السوري، وهو بالمناسبة ما أقره العرب في بيان قمة جدة، دون مواربة والتباس، وهو أيضا ما شارك سورية فيه كل من الرئيسين الروسي والإيراني، وعندما يتحدث الرئيس الأسد عن خطر عثماني بنكهة أخواني فهذا يعني أن لديه معطيات غير ظرفية، تقول بأن الرئيس التركي لا يريد سحب قواته من سورية، وأنه يحاول تحصيل مكاسب تكتيكية في شمال شرق سورية دون الوفاء بأي التزامات وموجبات في شمال غرب سورية، حيث يمكن بجمع هذه وتلك الحديث عن طي صفحة الاحتلال الإرهاب والتقسيم، وفتح الطريق لعودة النازحين التي تشكل ملفا ضاغطا على تركيا، كما يعني كلام الرئيس السوري قناعته بأن الرئيس التركي يخوض الانتخابات على خلفية السعي للفوز بها دون تقديم التزامات تقارب ملف النازحين من هذه الزاوية كتتمة لمسار سياسي جديد في التعامل مع الوضع في سورية.
- بعد كلام الرئيس السوري تحدث الرئيس التركي عبر شبكة سي إن إن الأميركية وقال إنه راغب بالمصالحة مع سورية، لكن قواته سوف نبقى في سورية، ما أكد أن كلام الرئيس الأسد كان مبنيا على حقائق ثابتة، لجهة استمرار الأزمة مفتوحة في العلاقات السورية التركية، وهذا يعني أن أردوغان الذي سعى لعقد اجتماعات سورية تركية ضمن الرباعية مع روسيا وإيران، على مستويات دبلوماسية وعسكرية وأمنية، بخلفية الإيحاء بالاستعداد للخطوة النوعية بالالتزام بالانسحاب من سورية، قد عقد صفقة رئاسية مع الأميركيين الذين قاموا برعاية خصومه، ويقدمون الرعاية للكانتون التقسيمي لجماعات كردية مسلحة شمال شرق سورية، قوامها تسهيل فوزه الرئاسي مقابل تراجعه عن رفع الغطاء عن احتلالهم لشمال شرق سورية، رغم ما يعنيه بقاء الاحتلال الأميركي من تغطية ورعاية للمشروع الانفصالي الذي يقول أردوغان أنه تهديد للأمن القومي التركي، والتغطية التي يريدها الميركي هي بقاء القوات التركية لأن الانسحاب التركي يعني بقاء الاحتلال الأميركي وحيدا أمام خيار الانسحاب اسوة بتركيا، أو مواجهة المقاومة المشروعة.
- هذه الصفقة التركية الأميركية التي رفضت السعودية مثلها، عندما عرض الأميركيون مقابل ارجاء عودة سورية الى مقعدها العربي بحضور رئيسها للقمة العربية، وتبني سياسة تلاقي الرؤية السورية تجاه عودة النازحين والعقوبات واعادة الإعمار، تعني ان تجاذبا قادما سوف يطغى على العلاقات السورية التركية، وأن أمام روسيا وإيران تحدي كيفية التعامل معه، كما أمام القيادات العربية التي تنفتح على تركيا وضع الملف السوري على جدول أعمال العلاقات العربية التركية، حيث التحدي للأمن القومي لا يزال شمالا من تركيا بموازاة التحدي الصهيوني في فلسطين.
2023-05-22 | عدد القراءات 589