مع من تنسق قطر: السعودية أم إيران أم تركيا أم أميركا ؟ التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل

مع من تنسق قطر: السعودية أم إيران أم تركيا أم أميركا ؟
التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل
- تحاول الدولة الصغيرة في الخليج منذ صعود نجمها مع كمية الأموال التي تمثل عائدات بيع
الغاز، ومكانة قناة الجزيرة التي تحولت إلى صانع أول للرأي العام في العالم العربي خلال
عقدين، أن تستثمر هذين العاملين لصناعة مكانة تتجاوز حجمها الجغرافي والسكاني ومكانتها
بين دول الخليج بمقارنة الأحجام والأدوار.
- خاصمت قطر السعودية ومصر والإمارات لسنوات، وتبدو بعد المصالحة غير راغبة بالعودة
الى الخصومة، لكن ذلك لا يعني التلاقي والتنسيق، كما يقول المقربون من الدوحة في تسويق
تحركاتها في لبنان مثلا باضافة جملة دائمة، ان التحرك القطري يتم بالتنسيق مع السعودية،
والسؤال هو ما حاجة السعودية لتحرك قطري بالتنسيق معها ما دامت موجودة مباشرة في لبنان
عبر سفير نشيط وفاعل ومؤهل ويملك شبكة تأثير و علاقات لا يملكها القطريون، وما دام الذين
يعتقد القطريون انهم يؤثرون عليهم يرغبون باقامة علاقة مباشرة مع السعودية.
- تستضيف قطر حوارات بين ايران والدول الأوروبية مؤخرا حول الاتفاق النووي، وعندما
تعرضت قطر للحصار في مناخ الخصومة مع السعودية والإمارات، تحركت إيران لفك
الحصار التجاري عن قطر ووفرت لها المواد الغذائية الطازجة بعدما انقطعت سلاسل التوريد
التقليدية إلى أسواقها، ويقال إن المصارف القطرية تمنح التعاملات التجارية الايرانية ميزات
خاصة، لكن يصعب تصديق أن قطر حليف لإيران، وبينهما خلاف مستحكم حول الموقف من
سورية، حيث رمت غيران بكل ثقلها لمواجهة الحرب على سورية وضمان هزيمة الواقفين
وراء هذه الحرب وكانت قطر الأشد تشبثا بالحرب وأهدافها بينهم، ولا تزال الأكثر تطرفا
بموقفها العدائي لسورية.
- يعتقد الكثيرون أن قطر تقف وراء السياسات التركية في المنطقة وأن هذا يمثل أحد مصادر
قوتها، ويبنون الاستنتاج على التزام قطر وتركيا بتنظيم الأخوان المسلمين كأداة للنفوذ السياسي
والأمني في المنطقة، سواء في كل مفاصل الربيع العربي من تونس الى مصر وصولا إلى
الحرب على سورية، أو في مقاربة العلاقة مع إيران والسعودية، لكن هناك من يعتقد أن قطر
ليست الطرف الملحق في هذه العلاقة، لأن إمكاناتها المالية ونفوذها الإعلامي وهويتها كدولة
عربية عناصر تلعب لصالحها في إقامة علاقة متوازنة ضمن التحالف مع تركيا، وعندما قررت
تركيا السير بخيار المصالحة مع الدولة السورية كما قالت تصريحات الرئيس التركي قبل
شهور، لم تتردد قطر بتخصيص هواء قناة الجزيرة لتظهير مواقف انتقادية لرموز المعارضة
السورية وصل بعضها الى حد اتهام تركيا بالخيانة.
- يبقى أن قطر التي تلعب دور الطرف المتعدد السياسات والخيارات، تلعب هذا الدور تحت سقف
السياسات الأميركية، سواء مع إيران واللعب على حافة الهاوية بين التحالف والتمايز
والخصومة مع السعودية أو التناغم مع تركيا والاختلاف عنها إن لم يكن معها، ومثال علاقة
قطر بحركة طالبان الذي كان دائما مثار تساؤل كشفته مفاوضات الانسحاب الأميركي من
افغانستان التي تمت في الدوحة بين الأميركيين والطالبان، و بعدما أقفلت صناديق التمويل
السعودية على المشاريع الأميركية التي لا يمكن تمويلها من موازنة الدولة الاميركية لحسابات
أمنية وسياسية في المنطقة، تقوم قطر بتمويلها، مثل ما يجري في تمويل قطر لإنشاء محكمة
اميركية واوروبية خاصة ضد سورية، وربما ضد السعودية ومصر، او تقديم التمويل اللازم

لضمان تحرك قضاة في محكمة لاهاي ضد سورية، وتمويل قطر للجماعات الارهابية المسلحة
شمال شرق سورية على أطراف مدينة حلب، ولذلك يعتقد الكثيرون ممن يتابعون السياسات
القطرية، أن تغير الموقف القطري نحو سورية لن يتم على إيقاع التغير التركي بل ينتظر التبدل
الأميركي.
- لأجل القدرة على لعب هذا الدور، يتقبل الأميركيون أن تكون قطر في موقع يملك هوامش تتيح
العلاقة بحركة حماس وطالبان وربما حزب الله وإيران، طالما أن هذا الهامش يتسع لتقبل علاقة
قطر بتنظيم داعش الذي لا يزال يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية في قناة الجزيرة، وتنظيم القاعدة
الذي لا تزال الجزيرة تعامله معاملة خاصة، طالما أن قطر في لحظة أميركية مفصلية وفي
حرب حاسمة ومصيرية في أوكرانيا تحول قناة الجزيرة الى قيادة الاعلام الحربي الأوكراني
ضد روسيا، دون ان تتحول عدوا للروس، وتتشارك معهم التنسيق في سوق الغاز.

2023-06-23 | عدد القراءات 267