ما يجب قوله في السياسة والدستور عن الرئاسة نقاط على الحروف ناصر قنديل

ما يجب قوله في السياسة والدستور عن الرئاسة
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- في ظروف مختلفة يمكن لإنتخابات رئاسة الجمهورية أن تجد فرص السير بسلاسة ولا تحتاج
الى مقاربات معقدة مثل التي نعيش ظروفها، والظروف المختلفة تتمثل بواحد من احتمالات، أن
تكون اغلبيات الطوائف الكبرى على الأقل متوفقة على العناوين السياسية الكبرى ولا ترى في
وصول خيارات رئاسية تنافسية إخلالا بالتوازنات التي تحكم العناوين الكبرى فترضي اللجوء
إلى المنافسة المفتوحة وتؤمن له النصاب بالتراضي، وهذا ما لم يحدث بعد، أو أن تكون متفقة
على اسم مرشح واحد لأسباب مختلفة فتؤمن له النصاب والانتخاب معا، مقابل معارضة أقلية،
كما حدث مع انتخاب العماد ميشال عون رئيسا، او أن يكون انتخاب الرئيس قد ترافق مع سلة
متكاملة منها الحكومة ورئيسها وقانون انتخابات نيابية مع التفاهم على سلة تعيينات المناصب
الرئيسية في الدولة، كما حدث في انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا.
- في ظروف مشابهة للظروف التي نعيشها، حيث كتلتان كبيرتان تمثل كل منهما لونا طائفيا
طاغيا، تقفان على ضفتين متقابلتين من القضايا والعناوين الكبرى، وتملك كل منهما قدرة تعطيل
النصاب، وقد سقطت نظرية تحريم تعطيل النصاب بتهديد فريق علنا باستخدامها و قيام الفريق
الآخر باستخدامها فعلا، تصبح القضية في كيفية تأمين 86 نائبا على الأقل يتفقون على تأمين
النصاب والانتخاب، وكل مسعى رئاسي لا يقدم جوابا على كيف سوف يفعل ذلك هو ملء
للوقت الضائع بمزيد من الكلام الى جانب الفراغ.
- الوصول إلى التوافق على اسم الرئيس يبدو مشروطا بتوافق أوسع على برنامج تتبناه كتلة
عريضة متعددة طائفيا قادرة على تأمين الـ 86 نائبا للنصاب والانتخاب، والبرنامج يجب أن
يضم عناوين مثل الاستراتيجية الدفاعية وتطبيق إصلاحات اتفاق الطائف وخطة لعودة
النازحين، وخطوط عريضة وعناوين خطة نهوض اقتصادية، وهذا ليس برنامج الرئيس كما
يقول البعض، لأن لا برنامج للرئيس، طالما لا قدرة له على تحقيقه دستوريا، بمعزل عن ارادة
الحكومة والكتل النيابية الواقفة خلفها، بل هذا تفاهم نيابي يسبق التفاهم على الرئيس، بل يخضع
اختيار اسم الرئيس لهذا البرنامج لجهة توافق الاسم وصفاته مع المهمات التي يجب أن يسهم
عبرها الرئيس في تحقيقه، وهنا بدلا من توجيه السؤال للرئيس حول برنامجه، توجيه السؤال له
حول قبول انتخابه من قبل هذا الإئتلاف النيابي لتنفيذ هذا البرنامج، ومثلما ان لاشيء يقيد
الكتل بالتوافق على برنامج ائتلافي وتسمية مرشح رئاسي لا شيء يقيدها ايضا بالتوافق على
اسم مرشحها لرئاسة الحكومة، وترشيحاتها لبعض المناصب الكبرى في الدولة، فهنا يجري
الحديث عن الكتل النيابية مشروعة ومباحة ومفتوحة،وليس عن تعهدات رئاسية مناقضة
للدستور.
- من موقع القوى الواقفة في شبه الوسط ، تحت عنوان طلب التوافق الجامع، أن تترجم هذا
الموقف بمسعى لتحقيق هذا التوافق، عبر وضع سلتين متقابلتين من الأسماء، يتصدرها اسم
مرشح لرئاسة الجمهورية في كل سلة، فتكون هناك سلة ترشيح سليمان فرنجية وتقابلها سلة
ترشيح جهاد أزعور مثلا، وفيها مشروع دعوة للتوافق بين الكتل المكونة للائتلاف النيابي
المنشود على تسمية فيصل كرامي مثلا لرئاسة الحكومة إذا فاز جهاد أزعور برئاسة الجمهورية
والذهاب لتسمية نواف سلام اذا فاز فرنجية بالرئاسة، ويكون التوافق على توفير النصاب

للتنافس بين السلتين، طالما أن كل طرف لا يشعر بالخسارة من أي من السلتين، وطالما ان
البرنامج واحد متفق عليه، وهذا يفترض أن يعني في روزنامة التيار الوطني الحر نسخة مما ما
كان يسميه بالخيار الثاني، أي الاتفاق على المشروع بمعزل عن اسم الرئيس.
- في حالتنا الراهنة، يقف التيار الوطني الحر مع 17 نائبا واللقاء الديمقراطي مع 8 نواب و كتلة
لبنان الجديد مع 8 نواب، أي مجموع 33 نائبا تحت عنوان الدعوة للحوار والتوافق، ووجود 6
نواب ملتزمين بتأمين النصاب في كل الأحوال إضافة لنواب غيرهم في اصطفافات مختلفة،
وتستطيع كتلة شبه الوسط هذه قيادة مسعى يترجم بمبادرة بين هذه القوى لبلورة عناوين
البرنامج الذي تعتقد أنه يلبي الحد الأدنى من مستلزمات المرحلة المقبلة، ومعه قبول نظرية
السلتين، ومخاطبة الباقي من الاصطفافين المتقابلين، أي 34 من مؤيدي أزعور هم كتلة انتخاب
معوض، مقابل 51 انتخبوا فرنجية، بالدعوة للحوار على أساس هذه المبادرة.
- اذا لم تفلح الدعوة للحوار على مثل هذه المبادرة، تفك الكتل المعنية علاقتها بالجهة التي ترفض
هذا الحوار، الذي ليس بالضرورة حوارا على طاولة واحدة، وبعدها اما ان تنجح باحداث
اختراق توافقي جامع، أو تنحاز الى التفاهم الذي تنجزه مع احدى الضفتين المتقابلتين اذا ضمنت
عبره تأمين الـ 86 صوتا اللازمة للنصاب والانتخاب، أو تجد أنها مضطرة أن تتبنى الحل
الوحيد الذي يبقى دستوريا و هو تقصير ولاية مجلس النواب والذهاب الى انتخابات نيابية
مبكرة، حيث يتمكن الناخبون من إعادة النظر بالذين انتخبوهم نوابا، اما عبر تزكيتهم بسبب
خياراتهم الرئاسية أو بتبديلهم للسبب نفسه، فإما أن ينتج عن الانتخابات مجلس نيابي قادر على
انتخاب رئيس، وهذا هو المطلوب، أو إعادة انتاج الاستعصاء، فيكون الفراغ هو خيار الشعب
اللبناني بكامل وعيه وإرادته الحرة.

2023-07-05 | عدد القراءات 339