شهادة سعادة
التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل
- تبقى شهادة مؤسس وزعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعادة فريدة بين شهادات
القادة، فالقادة الذين سقطوا شهداء في مسيرتهم النضالية، سقطوا في ساحات القتال تحت عنوان
يتصل بالصراع الأوسع حول قضايا بلادهم وشعوبهم، فقدموا مثالا لشعوبهم والمناضلين
ورفعوا من مكانة القضايا التي يقاتلون لأجلها، بصفتها قضايا تستحق الموت لأجلها، أما سعادة
الذي كان مستعدا لشهادة مماثلة بلا تردد، فقد استشهد في سياق آخر يمنح شهادته هذه الفرادة.
- محور شهادة سعادة يدور حول أنه اختارها بوعي في لحظة كان يملك فرصة التراجع
والمناورة، وأن عنوانها كان امتحانه الشخصي لنفسه ومشروعه وصدقية إيمانه بعقيدته وحزبه،
وصولا لمنح روحه بكل ثقة، معلنا بيقين أنه جاهز للشهادة وتقبلها، رغم أن أمامه الكثير من
العمل، لأنه واثق بأن حزبه باق، وأن عقيدته كافية لإلهام أجيال قادمة على مواصلة خوض
الصراع، والنهوض بأمته نحو التقدم والوحدة.
- في ذكرى استشهاد سعاده، ننظر نحو حزبه، بعين مختلفة، تقرأ معنى أن دماء سعادة كانت
الشعلة التي منحت هذا الحزب وقود الصمود بوجه المحن، ووصية سعادة عند استشهاده بأن
حزبه باق وسوف ينتصر، تحولت الى وصية شخصية لكل قومي للحفاظ على الحزب وبقائه،
لكننا نظر إلى عقيدة سعادة، فنجد كيف أنها أقرب لمحاكاة وقائع اليوم من وقائع الأمس، وكيف
أن النهضة التي تدعو إليها لا تزال الرد الوحيد على التحديات التي تواجه كيانات الأمة مجتمعة
ومنفردة.
- قرر سعادة تقبل الشهادة برضى تام ويقين كامل بأن عقيدة تقول بقتال كيان الاحتلال واعادة
توحيد الكيانات التي مزقتها اتفاقيات سايكس بيكو، ولو بصيغ من التكامل، توحد المقدرات ان لم
توحد الكيانات، وبناء دولة المواطنة على أنقاض التمزق الطائفي، تمثل وصفة كافية لتجاوز
الانحدار والانهيار وإطلاق نهضة سياسية وثقافية واقتصادية واجتماعية.
- بقي حزب سعادة ، لكن نداء سعادة يجب أن يدوي في عقول القوميين وقلوبهم، ليكون الحزب
كما تخيله سعادة، بعيدا عن الأنانيات و العصبيات الفئوية الضيقة، وبقيت عقيدته، لكن يجب أن
تثير أفكار سعادة لدى النخب المثقفة النقاش حول خريطة طريق للخلاص، بعيدا عن الحساسيات
الصغيرة والتحزب المسبق، بل بحثا عن الحقيقة المجردة.
- شهادة سعادة فرصة للتأمل هنا وهناك، لأن حزبه وعقيدته خشبة خلاص لا يجوز أن
تحاصرهما هموم واهتمامات صغيرة.
2023-07-08 | عدد القراءات 365