أسهب كارل ماركس وفلاسفة الديالكتيكية المادية في التحدث عن توحّش المراكمة … أو توحّش الرأسمالية … فالمسألة ترقى لأن تكون معادلة رياضية يترتب عليها تناسبًا طرديّاً بين المراكمة وصولًا الى تفاقم الجذب المركزي تبعًا لذلك … ومن ثم تضخّم حالة الجذب والاستحواذ … فالمراكمة لن تحدّ من الرغبة في المزيد من المراكمة … على العكس … هي ستزيد من تلك الرغبة الجامحة نحو المزيد من ذلك … فكلما زاد التراكم … زادت الرغبة للمزيد من ذلك … في أربع كلمات وحرفين … لخص القرآن ، ومنذ 14 قرنًا ذلك … إن الإنسان ليطغى … أن رآه استغنى .
لم يقفز محمدًا كما قفز أرخميدس حينما اكتشف قانون الإزاحة … لأن من يتكلم هو الله من خلال محمد … هو خالقها ، وهو جاعلها ، وهو واضع نواميسها … في المنطقة العندية ، لا توجد المجاميع الشمسية كما عهدناها … كواكب عملاقة … عشرون ألف مرة من حجم الأرض … تدور حول نفسها فيحدث اليوم … ولا يوجد نويّة ، أو شمس في مفهوم المجموعة الشمسية لتدور حولها ، ولذلك لا تحدث السنة ، وإلا فلماذا يقارن بين غير متماثلات ، فالمقارنة منطقيًا يستوجب ان تكون بين المتماثلات … ان يومًا عند ربك كخمسين ألف سنة مما تعدّون … لم يقارن بين يوم ويوم ، ولكن بين سنة ويوم … وانتفاء السنة هنا هو ببساطة لعدم وجود السنة … اي عدم وجود الشمس … وهو في واقع الحال ، سيتحفنا في مكان آخر ، وبالتصريح المباشر ، بأنكم لن تروا فيها شمسًا ولا زمهريراً .
العلائق بين الأعراق والأجناس والشعوب والقبائل هي تقرّب ايجابي انساني يستدعي التعارف بين بني البشر ، وليس التنابذ والتعالي أو الإقصاء والإلغاء … انت لا تملك أن تستعلي على أحد فيما تتميّز به في المنطقة الشكلية الفيزيائية … فلا ناقة ولا جمل لك فيما انت فيه من حيث الجمال ، أو القوة ، أو التفوّق العقلي … هذه هي منتجات الخلق الربّاني بامتياز ، لا نملك من أمرها شيئًا … ولذلك فإن المعيار الفصلي القاطع يكمن في النوايا والافعال في هذه المسيرة الإنسانية … انا خلقناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا … إن أكرمكم عند الله أتقاكم .
حتى من الناحية الموسيقية … الله هو لا معرّفة مطلقة … تحمل في طيّاتها من الناحية الموضوعية ، رفض كلّي للمادة والتراكم … لم أجد في كل هذا العطاء الربّاني ، دعوة واحدة للاندفاع نحو المركز ، وهو من الناحية الميكانيكية … إنبعاثة غير مشروطة بعيدًا عن المركز … في نقض واضح للمادة ، وتكدّس المادة … فالسماء والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما … وإنا خلقنا الكون وإنا لموسعون … وبالتداعي … فإن الإيمان ميكانيكيًا هو انبعاثة انسانية بعيدًا عن المركز ، من خلال التفكّر والاستخدام الخيّر للعقل ، والتسامي والانتصار للذات المثالية المعطاءة والباذلة … والتصدّي لنزعات المراكمة ، والأنانية ، وإغراق الذات في الملذات … فنفس وما سوّاها … فألهمها فجورها وتقواها … قد أفلح من زكّاها … وقد خاب من دسّاها … فالمعركة حتمية في مسيرة الحياة الإنسانية بين القوى الخيّرة في ذات الانسان ، وبين نزعات الاستحواذ والتكديس وحب التملّك … وهي ليست حتمية على الإطلاق في منظومة العقل الأنجلوساكسوني الوجودي … امتثال كلّي ، واستسلام مطلق للذات في أسوأ أو أدنى حالاتها … يا بني آدم إنك كادح الى ربك كدحًا فملاقيه … فبأي آلاء ربكما تكذّبان … قطرة من بحر القرآن العظيم … الذي يحرقون .
سميح التايه
2023-08-01 | عدد القراءات 347