لن يحدث أن تتمكن خلايا سرطانية في جسد مخلوق بشري من التمدد باضطراد حتى تلتهم كل شيء في هذا الجسد ، ويترتب على ذلك ، جسد يتكون من خلايا سرطانية بالمطلق ، وفي ذات الوقت ، يبقى الحامل حياً … نواميس كونية … لا يمتلك المخلوق منها فكاكًا … الجسد يتكون من خلايا متنوعة … خلايا مخية … خلايا جذعية … خلايا عظام … خلايا دم … خلايا عصبية … خلايا غضروفية … خلايا دهنية … خلايا جلدية … ألخ ، تتناغم مع بعضها بسياق سيمفوني متناسق ، فتحدث الحياة وتستمر بدون أن يعتدي أي منها على الآخر … بل هي تمارس عملية تعاون واتّساق عضوي يفضي الى نجاح الجسد في البقاء على قيد الحياة بطريقة صحية وبكفاءة عالية . كذلك فإن البليون الذهبي ، الذي يريد ، كما يصور له عقله المبتذل الواهم ، الأنجلوساكسوني ان تنكفئ الطبيعة المتنوعة للوجود البشري ، وتفسح المجال له فقط ليبقى محمولًا على هذه المعمورة ، لأنه كما يرى ، الأولى بأن يبقى ، لمقتضيات تفضيلية ، وعلى من هو دونه في معيار تفضيليته المارقة القاصرة ، ان يزول وان يتلاشى … وصفة قاتلة تنم عن قصور مذهل في المقدرة على فهم هذا الكون ، وعلى إدراك هذا التنوّع الفطري الذي جبلت عليه الحياة على سطح هذا الكوكب … لا تطالبني بأن اكون نسخة عنك … ولن أطالبك بأن تكون نسخة عني … كلٌّ يمتلك فرادة فيما يتطلّب منه دوره الوظيفي في هذا الكلّ … ولا يمكن أن يتخلّى الكلّ المطلق عن أيّ من هذا التكوين لأن تواجد أي مكوّن كان هو من منطلق الضرورة الوظيفية لهذا المكوَّن … هكذا تنضبط نواميس وقوانين الكون … فالضرورة يترتب عليها التواجد ، فيما يحصّل إلى منفعة ومتطلبات الحياة المتّسقة … ولن تعير المصلحة المطلقة أي انتباه الى دعوات قاصرة ناشزة ، وان تمادت تلك التوجهات واستفحلت ، فإن الذي سيدفع الثمن في النهاية هو الحامل … وهو في حالتنا هذه … هذه الأم الرؤوم التي تدعى الأرض .
سميح التايه
2023-09-15 | عدد القراءات 338