شراكة استراتيجية صينية سورية في مواجهة العقوبات
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- عدم اليقين وعدم الاستقرار هما الصفتان اللتان استخدمهما الرئيس الصيني جين شي بينغ في مخاطبة الرئيس السوري بشار الأسد في توصيف الوضع الدولي، ليصف الشراكة الاستراتيجية بين الصين وسورية في هذا الوضع الدولي بالحدث المفصلي المهم، مستذكرا أن سورية كانت من الدول التي تقدمت بطلب حصول الصين على مقعدها المؤثر في الأمم المتحدة، وأنها كنت قبل تقف الى جانب الصين في نضالها لنيل حقوقها، ومن أوائل دول العالم التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين منذ 67 عاما.
- قررت واشنطن تحدي الصين من بوابة الهند، بمشروع افتراضي دونه الكثير من التعقيدات، فردت الصين بإكمال ما بدأته في جنوب المنطقة من بوابة الاتفاق السعودي الإيراني، عبر حركة تموضع في المكان الذي رمت فيه أميركا بثقلها العملي لا بحركاتها البهلوانية، لأن أميركا التي ترسل المال والسلاح إلى أوكرانيا بوجه روسيا وتتهرب من القتال مباشرة، تتمسك ببقاء قواتها في سورية، وأميركا التي تتحدث عن مشاريع وهمية اقتصادية وتجارية لإزعاج الصين عبر الحديث عن ممر تجاري بين الهند وأوروبا يهمش مصر وتركيا، ولا يضمن جدية التطبيع السعودي الإسرائيلي الذي يقوم عليه المشروع، والتطبيع مرهون بتقدم التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي على مسار حل الدولتين، هي أميركا التي تفرض عقوبات خانقة على سورية، وتهدد لبنان والأردن والعراق من تفعيل العلاقات الإقتصادية مع سورية، وهي أميركا التي تنهب النفط والغاز والقمح من سورية، وهي أميركا التي رمت بثقلها في علاقتها بتركيا والسعودية لتجميد مفاعيل الإنفتاح وترجمتها بما يريح سورية ويدعها تتنفس، لأن أميركا تدرك مكانة سورية في الجغرافيا، التي منحتها دورا مميزا في التاريخ، والصين سيدة في صناعة التاريخ وخبرة عريقة في فهم الجغرافيا، ولذلك جاء الرد الصيني من البوابة السورية.
- الشراكة الاستراتيجية و اتفاقية انضمام سورية الى مبادرة الحزام والطريق، رسالة متعددة الإتجاهات، فهي عدا عن كونها إعلان استعداد صيني مفتوح للتعاون مع سورية والاستثمار فيها، رسالة للشركات الصينية والمصارف الصينية، بأن الحسابات السابقة قد تغيرت، ولم يعد مسموحا لي تحفظ أن يعيق الاندفاعة نحو سورية، ومئات المشاريع الصينية في سورية تنتظر هذا القرار، لأن القرار الحكومي بإعلان شراكة استراتيجية مع أي دولة يوفر للاستثمار مظلة تأمين كاملة ضد المخاطر، وهي رسالة الى تركيا والعراق بأن سورية ممر إلزامي لموقع كل منهما في مبادرة الحزام والطريق، وبالتالي هي دعوة للتوقف عن الحذر والتردد في كل ما يستدعي قيام أفضل العلاقات مع سورية، لأن المصالح العراقية والتركية مع الصين يجب أن تبنى على قاعدة فهم معنى هذه الشراكة الإستراتيجية، وهي رسالة للسعودية ودول الخليج التي تشارك الصين نظرتها للعمل مع سورية، وجمدت اندفاعها خشية الضغوط الأميركية، وتقول لهذه الدول، أن بإمكانهم الاستناد إلى موقف الصين لفعل المثل، حيث لا تملك واشنطن قدرة ترجمة التهديدات أو فرض العقوبات، وعلى الطاولة فورا إعلان شراء فائض المنتجات الزراعية السورية العالية الجودة، كما وصفها الرئيس الصيني.
- عمليا بعد الشراكة الاستراتيجية والتبادل التجاري والاستثمار بالعملات الوطنية، يفقد نظام العقوبات الأميركي فعاليته، وعمليا بعد الشراكة الاستراتيجية يكتمل العقد الذي يحيط بسورية، حيث تتحول الثنائية الروسية الإيرانية الى ثلاثية صينية روسية إيرانية، وليس خافيا ان بين الصين وروسيا والصين وإيران، تبادل آراء وتشاور وتقاسم أدوار، وأن الصين تشكل عنصر التثقيل الحسام للخيارات التي تتقاسمها روسيا وإيران، فعندما تدخل الصين على الخط، فهذا يعني أن الأمر إنتهى، وهذا ما حدث في الاتفاق الايراني السعودي الذي مهدت له روسيا، وهذا ما جرى في عودة سورية الى الملعب العربي الرسمي من بوابة القمة بمسعى سعودي، بعد جهود إيرانية وروسية مع السعودية توجتها المساعي الصينية.
- الصين تتخذ سورية قاعدة اقتصادية على المتوسط، وروسيا تتخذها قاعدة عسكرية على المتوسط، وإيران تتخذ سورية قاعدة ارتكاز لمحور المقاومة، والإشعاع السوري يصل مداه نحو تركيا والعراق ولبنان والأردن، وهذا ليس الا بداية مشهد استراتيجي جديد في المنطقة.
2023-09-23 | عدد القراءات 297