الرأي العام غبي والمسؤولون منافقون

عندما يخرج على التوالي رئيس الأركان ورئيس مجلس الأمن القومي الذي يعمل تحت إشراف رئيس الحكومة ورئيس شعبة المخابرات العسكرية ورئيس الشاباك، ليقولوا للرأي العام في الكيان كل على حدة إنه يتحمّل مسؤولية الفشل الذي تجسّد يوم 7 تشرين الأول بسقوط منظومة الدفاع والأمن أمام ضربات المقاومة ممثلة بقوات القسام وسرايا القدس، لكن أحداً من هؤلاء لا يستقيل، ولا يخرج الرأي العام عليهم بأسئلته القاسية طالباً منهم الاستقالة، فهذا رأي عام غبي يسهل التلاعب به بالعبارات المنمّقة.

إعلان الفشل يمكن دون إعلان تحمّل المسؤولية بشرط الكشف عن أسباب الفشل التي لا تقع ضمن حدود المسؤولية، كالقدرات أو الإجراءات أو التشريعات أو الصلاحيات. وفي هذه الحالة تنتقل المسؤولية الى المرتبة الأعلى وهي في حال الكيان رئيس الحكومة. أما عندما يعلن المسؤولون التنفيذيون عن تحمل مسؤولية الفشل فهذا يعني أنهم يبرؤون رئيس الحكومة ويتقاسمون المسؤولية كل ضمن نطاق صلاحياته. وهذا يعني أنهم فشلوا لأنهم لم يقوموا بواجباتهم، لأنهم لا يملكون المؤهّلات اللازمة التي تستوجبها المناصب التي يُشغلونها.

هنا يصبح السؤال مهماً وخطيراً، وهم يتولون المسؤولية مرة أخرى في قيادة ما هو أشدّ خطورة، حرب كبرى يخوضونها. وفي مثل هذه الحالة يصبح شرط الخوض مجدداً في مسؤولية مشابهة لما تم الفشل فيه، هو تنحية الفاشلين والمجيء بمن تتوافر فيهم المؤهلات اللازمة، والرأي العام الذي يتقبل استغفاله بهذه الطريقة لا يمكن وصفه بغير الغبي.

هؤلاء المسؤولون يشبهون رئيس حكومتهم بنيامين نتنياهو، ويبدو أنهم عقدوا معه صفقة، يقومون بموجبها بتحمّل المسؤولية فيبقى هو بريئاً، مقابل أن لا يخلعهم من مناصبهم، بينما تحمّل نتنياهو المسؤولية لن يعفيهم منها ومن مشاركته بها، وخروجهم من مناصبهم، وأقل ما يوصف به هؤلاء هو أنهم منافقون، والرأي العام الغبي يستحق مسؤولين منافقين.

 

التعليق السياسي

2023-10-19 | عدد القراءات 266