خلال أسبوعين ونيّف تخوض المقاومة الإسلامية حرباً حقيقية على الحدود، وتدفع الشهداء من صفوفها وقد بلغوا الثلاثين شهيداً، وتبدو الحرب مستمرّة، فيما بعض اللبنانيين يتساءلون عما إذا كنا في حال حرب، فقط لأن جيش الاحتلال لا يقصف العمق اللبناني والمنشآت المدنية اللبنانية.
المقاومة المضحية والوطنية إلى أعلى درجات ومراتب التضحية والوطنية اختارت حربها التي تعلن عبرها مساندة الشعب والمقاومة في غزة بوجه العدوان، بطريقة تتيح إيصال رسالة القوة الى جانب غزة، وتجبر جيش الاحتلال على تجميد ثلث قوته قبالة حدود لبنان، وتهجير عشرات المستوطنات وعشرات آلاف المستوطنين، وتؤمن إلحاق الأذى المادي والمعنوي والبشري بعناصر قوته، فتدمّر دباباته وتحصيناته وتجهيزاته التقنية العالية الدقة على طول الحدود، وتقتل منه أكثر من خمسين من جنوده وضباطه، مدركة أن الاحتلال لن يجرؤ على توسيع مدى النار نحو العمق إلا إذا فعلت المقاومة أولاً، فاختارت المقاومة الا تفعل وأن تتحمل بتضحيات مجاهديها ضريبة هذه الحرب، تاركة الانتقال لحرب العمق الى مرحلة ثانية، ليست مؤكدة، لكنها محتملة، في ضوء مسار الحرب في غزة.
للذين يتحدّثون عن تجنيب لبنان الحرب، تقول الوقائع إن لبنان في قلب الحرب، لكنهم لا يشعرون بها ولا تطالهم تداعياتها وأخطارها، لأن المقاومة قررت أن تتحمّل وحدها كلفتها، باذلة كل جهدها لتجنب الانتقال الى مرحلة تضطر خلالها لاستهداف عمق الكيان، ويضطر لبنان لتحمل تمدد العدوان الى عمقه.
الحريصون على عدم تمدّد الحرب الى العمق، مطالبون بأن يقدروا للمقاومة ما تفعله، وأن يساندوها في موقفها، وأن يرفعوا الصوت عالياً لفرض وقف العدوان على غزة، فتلك طريقة حماية لبنان من خطر الحرب وخطر سقوط القضية الفلسطينية وفي قلبها حق العودة أيضاً.
التعليق السياسي
2023-10-26 | عدد القراءات 318