معركة ايريز عسكريا نقطة فاصلة
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- لم يكتمل المعنى النهائي بعد للجملة العسكرية في حرب غزة، لذلك ليس هناك نقطة، ولا نقطة على السطر، لكن الجملة العسكرية التي قالتها معركة ايريز ليست واحد من مجموعة جملة تكمل معنى بعضها البعض، بل هي جملة تبنى عليها الجملة التي تليها، لذلك يعقبها نقطة مع فاصلة، وفقا للتعريفات اللغوية لشروط وظروف استخدام الفاصلة و النقطة والنقطة مع الفاصلة، فالذي جرى في هذه المعركة التي جرت أمس بقدم صورة عن توازن القوى العسكري بين المقاومة وجيش الإحتلال، عندما يكون الجيش على أتم جهوزيته، وبيده زمام المبادرة في اختيار الزمان والمكان، بعدما حاول التهرب من القيمة العسكرية الاستثنائية لمعركة السابع من تشرين الأول، عندما هاجمت المقاومة مواقع جيش الاحتلال التي تضم عددا من الجنود والضباط يزيد أضعافا عن أعداد مقاتليها المهاجمين، متجاوزة تحصينات وتجهيزات فائقة القوة والدقة، فقتلت قرابة الخمسمئة وأسرت أكثر من مئتين وجرحت قرابة الألف وهرب من هرب، وكل المهاجمين كانوا أكثر من ألف قتيل، واحتمى جيش الاحتلال وقادة الكيان للتهرب من هذه الهزيمة، وراء سردية مزورة حاولت تصنيف العملية الهجومية الهائلة المعنى والقوة والآثار، كعملية قتل للمدنيين وقطع رؤوس الأطفال واغتصاب النساء.
- قالت رواية الكيان وقياداته السياسية والعسكرية، أن المنازلة العسكرية التي سوف تقول الكلمة الفصل، هي تلك التي سوف تجري عندما يبدأ العملية البرية تجاه غزة، وبقي جيش الاحتلال عشرين يوما يقصف غزة بقنابل محرمة مدمرة، ويقتل النساء والأطفال والمدنيين الآمنين، بهدف الترويع والضغط النفسي على المقاومة، ويرجئ العملية البرية من يوم الى يوم ويختبئ وراء ذريعة جديدة كل مرة، حتى نفدت الذرائع وصار الوقت قاتلا مع انطلاق موجات التنديد الشعبية المتصاعدة في العالم الغربي خصوصا، وكان لا بد من تحمل لحظة الحقيقة وبدء العملية البرية.
- في منطقة ايريز حيث ثكنة ضخمة هاجمتها المقاومة في عملية السابع من تشرين، والمعبر الرئيسي الفاصل بين غزة والمناطق المحتلة، حشد دبابات أظهرته الصورة المسجلة خلال هجوم المقاومة، وهو حشد يتم وضعه هناك لتسهيل أي عملية برية ضد غزة، فيأتي الضباط والجنود ليجدوا دباباتهم جاهزة، ومنذ عشرين يوما وصل الضباط والجنود تسلموا مهامهم، وأمس بدأوا تنفيذ المهمة، وتحركوا الى الأمام، وقبل أن يجتازوا المناطق المفتوحة، فتحت عليهم نيران أسلحة رشاشة وقذائف صاروخية من الخلف، قيل إنها تعود لمجموعة للمقاومة كانت قد بقيت في المنطقة منذ عملية السابع من تشرين، وفي منطقة وسط النسق المتقدم خرج مقاومون من نفق هجومي من غزة، وفتحوا نيران الصواريخ الدقيقة المضادة للدروع، ثم جاءت قذائف الهاون الخفيفة تتساقط على الدبابات وتجمعات الجنود، والقذائف الثقيلة تقيم وراء الموقع حاجزا ناريا يقطع خط الإمداد، وتجمع التقارير على أن معركة دارت لساعات انتهت بقتل أكثر من ستين ضابطا وجنديا من جيش الاحتلال، وحرق وتدمير عشرين آلية منها اثنتي عشر دبابة، واستشهاد عدد من المقاومين.
- يفترض أن هذه المعركة هي الفرصة التي كان ينتظرها جيش الاحتلال ليربنا بعض غضبه كما وعدنا بنيامين نتنياهو أول أمس مع الإعلان عن بدء العملية البرية، لكن النتيجة التي حصل عليها، قالت ان معادلة نصر السابع من تشرين صالحة في حال الهجوم والدفاع بالنسبة للمقاومة، وأن زمام المبادرة يبقى بيدها ولو توهم قادة الكيان في العملية البرية حدوث العكس، وأن كل تحد تحوله المقاومة إلى فرصة، وكل فرصة يتوهمها قادة الكيسان ستتحول الى كابوس، وقيادة جيش الاحتلال تتكتم على ما جرى في معركة ايريز، لأنها تعلم النتائج الكارثية للاعتراف بالفشل، لكنها تعلم أن ما جرى سوف بتكرر مع كل محاولة مشابهة، حتى تستسلم قيادة جيش الاحتلال لمعادلة قوامها، أن المقاومة نجحت بتحقيق توازن ناري وتقني وتكتيكي بينها وبين جيش الاحتلال، وأن لديه فقط تفوق سلاح الجو يستقوي به على المدنيين الآمنين، وأنه عندما تقع النازلة يبقى النصر لتفوق الروح، وهنا تتقابل روح متوثبة حية مع روح مهزومة تحتضر.
2023-10-30 | عدد القراءات 314