سميح التايه: هل هذه هي حضارتكم …؟

البارحة فقط خرج علينا مسؤول اسرائيلي أفّاق ، لكي ينفث بعضاً من سمومه على الملأ قائلًا … فلتبك ألف امرأة فلسطينية على ان تبكي امرأة اسرائيلية واحدة … لقد انتزع هذا المارق من كبد الحقيقة البائنة ، بأننا تحت احتلالهم المجرم ، وأننا نمتلك الحق في القتال والقتل للمحتل حتى يتم تحرير الارض … عند اندلاع الحرب الروسية الأطلسية ، ومع تدفق اللاجئين الاوكرانيين الى أوروبا الغربية ، كان احد مذيعي احدى القنوات الأمريكية يقول أمام العالم ، وبدون ذرة من الحياء او الخجل … انظروا اليهم … يتحدث عن الاوكرانيين… هؤلاء ليسوا كاللاجئين في الشرق الاوسط … هؤلاء مثلنا … ذوي عيون زرقاء ، وشعر ذهبي … ولعمري لكأنّي به كان يتغزّل بهؤلاء الشقر الميامين … أما اورسولا فون دير لاين ، رئيسة المفوضية الاوروبية السادرة في غيّها وغبائها معاً … فهي لم تضطلع على حقيقة ان ارض فلسطين كان بها شعب مفعم بالحياة ، عاش لآلاف السنين هناك ، وعمّر الارض وزرع وحصد وكانت له ثقافته وحضارته الإنسانية المميّزة ، فهي ترى ، تلكم الأفّاقة ، بأن الأرض كانت صحراء قاحلة غير مأهولة… أتى إليها هذا الصهيوني " الحضاري " ، وقام بتعميرها وتحويلها الى جنة الله في الأرض… اما صاحبها وزير خارجية المفوضية الاوروبية ذاتها ، جوزيب بوريل ، فهو يرى ان أوروبا هي كالحديقة الغنّاء ، المفعمة بالجمال الأخّاذ … ولكنك حينما تندفع جنوبًا وشرقًا… فستشرع بالتوغّل في الغابة الموحشة الظلماء المغرقة بالتخلف … في بلاد الحضارة المدّعاة ، حيث يترح ويمرح هذا الأنجلوساكسوني " المتحضّر " ، يكاد المثليّ ان يكون بطلًا لا يشقّ له غبار … وتعتبر المرأة التي تبدي جلّ مفاتنها ، ان لم يكن كلها ، بائنة بلا خجل ولا وجل ، هي امرأة أكثر جرأة وشجاعة ، وهي أكثر حضارة وانفتاحًا من الاخريات… اما تلك التي تحتفظ بمفاتنها لزوجها ورفيق عمرها فقط … تعففًا وتأدباً … فتلك هي امرأة متخلّفة وغير حضارية ، تستأهل منهم ان يخلعوا عنها حجابها وما تستر به جسدها عنوةً … هذه هي حضارتهم التي يميّزون أنفسهم بها عن الآخرين … وهذه هي القيم التي يجهد بعض الجاهلين لدينا لتقليدها والتشبّه بها .

سميح التايه 

2023-10-30 | عدد القراءات 442