من حق الناس أن تسأل عن السلطة الفلسطينية
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- مضى شهر وأكثر على طوفان الأقصى ومن بعده الحرب العدوانية الإجرامية على قطاع غزة، والمذبحة المفتوحة بحق أهل القطاع، والسلطة الفلسطينية اكتفت بمواقف مبدئية منددة بالجريمة تعوزها الحرارة التي لا تغيب عن مواقف دول مثل كولومبيا وتشيلي وبوليفيا التي اعلنت قطع علاقاتها بكيان الاحتلال وطرد دبلوماسييه، بينما لم نسمع عن قطع السلطة لعلاقاتها بالكيان وأجهزته، و باعتبار أنها تذكرنا دائما بالتمثيل الحصري و الشرعي والوحيد، أنها بهذه الصفة كانت ملزمة بأن تبادر لتوجيه رسائل رئاسية لهذه الدول تشكر فيها مواقفها وتحيي تخوتها وشهامتها وثورتها الانسانية والمبدئية، ولا كلفت نفسها عناء التوجه بالشكر لوزيرة الحقوق الاجتماعية الاسبانية على مواقفها المشرفة نحو فلطسين، ومثلها النائب الهولندي الذي جاهر بدعوته لفلسطين حرة من البحر الى النهر، ما دام اختصاص السلطة هو الدبلوماسية فقط.
- بالتوازي مع هذا الغياب، كانت السلطة حاضرة بقوة وبصورة متكررة، في مواقف و تصريحات اميركية واسرائيلية، حيث تناوب أكثر من مسؤول وزاري وعسكري وأمني في كيان الاحتلال على التشديد على أهمية تمويل السلطة الفلسطينية، لأن الرواتب التي تسددها السلطة لأجهزتها الأمنية على وجه الخصوص هي جزء من ضرورات الأمن الإسرائيلي، وبالتوازي كان وزير الخارجية الأميركية يكرر الدعوة لاعتماد صيغة مستقبلية لغزة، تكون السلطة الفلسطينية فيها هي صاحبة السيطرة الأمنية، كبديل عن احتلال غزة بصورة دائمة والمخاطرة بتعرض جيش الاحتلال لمواجهات مع الأهالي وعودة صيغ المقاومة، والسلطة التي سمعت الكلام الأميركي والإسرائيلي الذي يجعلها شريكا في العدوان على غزة لم تنبس ببنت شفة للتنديد بهذا الكلام المسيء، ولم يكون موضع شك أن الصمت هنا هو بالفعل علامة الرضا.
- حركة فتح التي أطلقت الكفاح المسلح وقادت مسيرة النضال الفلسطيني لسنوات، ورحل قائدها ياسر عرفات وقادتها الكبار، أبو جهاد وأبو إياد وسواهما، وهم متمسكون بموقف وطني يرفض التفريط بالهوية الفلسطينية والحقوق الفلسطينية، لا تستطيع وهي ترى بعيون كوادرها ومناضليها هذا المشهد المخزي أن تعتبر الأطر التنظيمية للحركة هي المكان الطبيعي لمناقشة هذا الانحدار الوطني والأخلاقي، وما سمعناه من مواقف وطنية من السفير الفلسطيني في لندن حسام زملط وأمثاله، يجعل الدعوة لفتح لتصويب المسار ورد الاعتبار للموقف والموقع الوطني، كمكان طبيعي لحركتهم، واجبا ملحا للقول لهم، لا تتركوا التاريخ يسجل عليكم قبول التحول بداعي الخلال مع حركة حماس، الى ما يشبه جيش انطوان لحد في جنوب لبنان أيام الاحتلال، فهذا لا يليق بتاريخ فتح، ولا يستطيع محبو فتح تحمل رؤيته يحدث، ولحركة فتح إسهامها المشرف في المقاومة عبر كتائب شهداء الأقصى.
- الأوهام بأن الاحتلال ومن خلفه الأميركي ومعهما بعض العرب سوف ينجحون بحسم المعركة لصالح خيار التطبيع، لا يجب أن يكون مقبولا عند كوادر فتح، الذين يعرفون، أن موازين القوى لن تسمح لهذا الخيار بالنجاح، وأنه إذا مال الميزان داخل غزة لصالح هذا المشروع فدونه حرب إقليمية كبرى، لا يستطيعون القبول بأن يضعهم أحد في حال وقوعها في خندق واحد مع كيان الاحتلال، واذا سلمنا بان مشروع الهيمنة الأميركية الاسرائيلية سوف يفوز على ركام ودماء الفلسطينيين، فهل يشرف تاريخ فتح وكوادرها أن يكونوا كما يرغب الأمريكي الاسرائيلي برؤيتهم مجرد اداة أمنية للاحتلال، وهل احد يتوهم بأن الدولة الفلسطينية التي لم يقبل بها كيان الاحتلال في زمن توازن القوة مع المقاومة، سوف يقبل بها وقد سحق المقاومة والشعب والعمران معها؟
- موقف فتح حاسم ومؤثر ويقلب الموازين، والضفة تنتظر، ومن حقنا ايضا انتظاره.
2023-11-10 | عدد القراءات 329