المقاومة مرحلة نوعية ثانية ام تكرار لقواعد الجولة الأولى؟ نقاط على الحروف

المقاومة مرحلة نوعية ثانية ام تكرار لقواعد الجولة الأولى؟
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- إذا كان من ضمن التوقعات بلوغ الهدنة وصفقة التبادل التي رافقتها نهايتها
بسقف عشرة أيام، فان ذلك يعود الى ادراك متابعي الحرب التي شنها
الاحتلال على غزة انتقاما من طوفان الأقصى، أن الهدنة والصفقة كتعبير عن
فشل الجولة الأولى من الحرب، سواء في ضرب بنية المقاومة أو في استعادة
الأسرى بالقوة، قد جاء تعبيرا عن فشل الحسابات التي قامت على أساسها
العملية البرية والتي ارتكزت على فرضية أن النصر مضمون بمجرد
الإستعداد لدفع التكلفة البشرية المقدرة بـ مئتي قتيل، بعدما ظهر ان كلفة
التردد في العملية البرية لسنوات قد تسبب بمقتل أضعاف هذا الرقم، وجاءت
الجولة الممتدة على خمسين يوم تقول ان التكلفة سوف تدفع لكن النصر
صعب التحقيق وليس مضمونا كما توهم قادة الكيان، وبالتوازي ظهر أن
عمليات القتل والتدمير التي تحظى بدعم الغرب وعلى رأسه الأميركي كجزء
من الحرب لدفع أبناء غزة على إلى تركها والانقلاب على المقاومة ودفع
المقاومة لتخفيض سقوفها والتراجع عن مواقفها، قد أضاف الى الفشل في
تحقيق الأهداف ترتيب نتائج عكسية فانفجر الشارع الغربي بوجه حكامه
منددا بـ اصطفافهم مع الجريمة المنظمة التي ينفذها الكيان بحق سكان غزة،
وفرض على الحكومات الغربية وخصوصا في أميركا إدخال عامل الوقت
على حسابات دعمهم لحرب الكيان، وسقوط هذين الركنين للحرب على غزة،
جعل سقوط الردع الأميركي كركن ثالث كافيا لجعل الهدنة والتبادل ممكنين،
فقد فشل الأميركي الذي جلب حاملات طائراته ووجه تهديدات علنية لكل من
يحاوال الدخول على خط الحرب مساندة لغزة، وفتح حزب الله جبهة لبنان
وتحدى التهديدات وذهب يصعد مرحلة تلو أخرى، وبدأت المقاومة العراقية
تستهدف القواعد الأميركية، فتحول الردع الأميركي الى قواعد اشتباك،
وجاءت المفاجأة الكبرى للأميركي بالتحدي الذي مثله أنصار الله في تهديد
الملاحة في البحر ألأحمر كركيزة من ركائز الاستراتيجيات الأميركية.

- جاءت الهدنة اعترافا مبدئيا بالفشل، لكنها ليست اعلان قبول بالهزيمة، لأن
قبول الهزيمة وتكريس معادلة طوفان الأقصى تعني دخول الكيان المأزق
الوجودي بصفته مأزق راهن سياسي، حيث لا أمن ولا درع، أي لا استيطان
ولا استثمار وبداية تفكك وانحلال، وكذلك إعلان سقوط التركيبة السياسية
والعسكرية التي تتحمل مسؤولية ما جرى في طوفان الأقصى وهي تشمل
رئيس الحكومة ووزرائه وخصوصا وزير الدفاع ووزير الأمن ورئيس
الأركان ورؤساء الأجهزة الأمنية والاستخبارية، لذلك تمت الهدنة والتبادل
على عنوان الأسرى من النساء والأطفال، تمهيدا لجولة ثانية يكون لها عنوان
ثان، كالجثث مقابل الجثامين والمسنين مقابل المسنين، ثم جولة تليها هدنة
ثالثة بعنوان ثالث، خصوصا ان لا شيء يوحي بأن لدى جيش الاحتلال ومن
حلفه الأميركي خارطة طريق لتحقيق ما لم يتحقق في الجولة الأولى خلال
الجولة الثانية، وما يكشفه اللجوء الى المجاز من اليوم الأول بدل محاولة
خوض عمليات حربية تبتعد عن المدنيين وتجمعاتهم، طالما أن المذابح هي
مفتاح تحريك الشارع الغربي الذي يجعل الوقت ضيقا أمام الحرب، ما يعني
أن هدف الجولة الثانية هو استدراج ضغوط تتيح تبرير الهدنة الثانية، سواء
في داخل الكيان عبر الشارع المتعاظم لأهالي الأسرى والمتعاطفين معهم، أو
الشارع الغربي المتفاعل مع مشهدية الدم الفلسطيني.
- الجديد هو أن المقاومة رفضت معادلة الاحتلال، وربطت التبادل بإعلان
وقف نهائي لاطلاق النار، و بمعادلة الكل مقابل الكل، وهذا يعني استثمار
تأثير شارع أهالي الأسرى لتوظيفه في الضغط لوقف الحرب وليس لتبادل
الأسرى فقط، لأن تكلفة الحرب على غزة ددم مئات الشهداء يوميا، واذا تم
إنهاء التبادل وعادت الحرب سوف يكون شارع أهالي الأسرى قد عاد الى
قواعده المؤيدة للحرب، ولأن التسليم بهزيمة مزدوجة بهذا الحجم، تتضمن
التسليم بشروط التبادل التي وضعتها المقاومة، وفق معادلة الكل مقابل الكل،
ومعه التسليم بالخروج من الحرب والعدوان، فان ضغط شارع الداخل في
الكيان وضغط الشارع الغربي لن يكونا كافيين لإنتاج المعادلة المطلوبة، لذلك
رأينا أن اليومين الأولين من الجولة الثانية يعادلان في سرعة التصعيد

ونوعية المواجهات العسكرية، الخمسين يوما التي شاهدناها في الجولة
الأولى وأكثر، ففي غزة قتال بري مرير تخوضه المقاومة هجوميا يسقط فيه
عشرات جنود الاحتلال، ومثله هجمات نوعية قاسية تنفذها المقاومة من
جنوب لبنان على مواقع وجنود جيش الاحتلال لم نشهد مثلها من قبل، وتفعيل
نوعي لمعادلة تحدي الردع الأمريكي في البحر الأحمر، وتصاعد في
الهجمات على القواعد الأميركية في العراق، ما يقول ان الجولة الثانية بالنسبة
لقوى المقاومة هي مرحلة نوعية ثانية، وليست مجرد تكرار كمي للجولة
الأولى.
- الكلمة الفصل للميدان، معادلة وردت في خطاب السيد حسن نصرالله عن
رؤية مسار الحرب، تبدو في هذه الجولة اختصارا للمشهد.

2023-12-04 | عدد القراءات 229