ناصر قنديل
– على إيقاع واحد تبدو جبهات المواجهة التي يخوض عبرها محور المقاومة بقيادة واضحة للمقاومة في غزة، مواجهته المدروسة مع كيان الاحتلال ومن خلفه القرار الأميركيّ بالردع لمنع أي مؤازرة لغزة شعباً ومقاومة. وقد ظهر خلال يومين ماضيين، وبالتزامن مع وصول جيش الاحتلال إلى شوارع مدينة خان يونس، حيث يبدو أن فصائل المقاومة الفلسطينية، وخصوصاً قوات القسام وسرايا القدس، قد أعدّت ما يلزم لمواجهة شاملة نوعيّة وكميّة، ظهرت ساعة الصفر معلنة للانتقال إلى المواجهة المفتوحة في كل مناطق الاشتباك في غزة، شمالاً وجنوباً، مدناً ومخيّمات، وكأن قوات احتياطيّة كانت موجودة تنتظر لحظة الدخول إلى خان يونس بصفتها كلمة السر للهجوم الشامل، على طريقة ما جرى في غلاف غزة. واجه جيش الاحتلال عواصف ناريّة من كل حدب وصوب، تطويق وإطباق، كمائن وقذائف هاون، مشاة يهاجمون الدبابات ببسالة نادرة وحرفيّة عالية، فتحترق عشرات الآليات ويُصاب مئات الجنود والضباط.
– التوقيت لغزة، لكن الإعلان لليمن، فلم تكَدْ غزة تفتح نيرانها في افتتاح المرحلة الجديدة، حتى خرج الناطق العسكريّ اليمنيّ يعلن أن مضيق باب المندب مقفل أمام عبور أي سفن متّجهة الى موانئ كيان الاحتلال، وفق معادلة طالما غزة تحت الحصار فإن الكيان سوف يوضع تحت الحصار. وبدأ اليمن تنفيذ القرار فوراً، عبر تسيير دوريات من الزوارق للتفتيش عن السفن التي يشكّ بها وفقاً للوائح المتداولة على مواقع التجارة الدوليّة لوجهة السفن التجارية وحمولتها. وتم أمس، إيقاف سفينتين وإعادتهما من المضيق إلى المحيط الهندي، والقرار اليمنيّ تحدٍّ واضح ومباشر للاستراتيجية الأميركية حول دور قواتها العسكرية في البحر الأحمر طوال خمسين عاماً. ولسان حال اليمنيين، استخدمت أميركا الفيتو في مجلس الأمن الدوليّ لمنع وقف النار على غزة، ونحن نستخدم الفيتو في البحر الأحمر لمنع إمداد كيان الاحتلال بالنفط والمواد الاستهلاكيّة ومنع التجارة معه، فماذا سيفعل الأميركي، هل يذهب الى الحرب فيشتعل البحر الأحمر كلياً، أم يرتضي قواعد الاشتباك التي فرضها أنصار الله؟
– بالتوازي كانت القواعد الأميركيّة في سورية والعراق تتلقى أكبر عدد من الهجمات وأكثرها قسوة، عبر الصواريخ الموجّهة والطائرات المسيرة الانتحارية، وواشنطن أيضاً بين خيارَيْ الردّ الذي يجسّد الردع، كما ورد في البيانات الأميركية أول أيام حرب غزة. وهذا سوف يستدرج الحرب إلى البحر الأبيض المتوسط حيث تربض المدمّرات والحاملات الأميركيّة، ويصبح البحر الأبيض المتوسط ساحة حرب لا تجارة وتحاصر أوروبا بين بحرين مشتعلين بلا موارد طاقة، ولا تجارة مع الخليج أو مع الهند والصين، والتراجع الأميركي يعني إضافة لسقوط الردع والمهابة، أن الزمن بات ينفد بسرعة من طريق الحرب الإسرائيلية الأميركية على غزة، وقادة الكيان يقولون إن لم تفعل أميركا ما يجب مع اليمن سوف نضطر نحن لفعل ذلك، فهل يفعلون ويشعلون البحر الأحمر؟
– تبقى الجبهة العقدة بالنسبة لأميركا و»إسرائيل»، هي جبهة لبنان التي ادّخرت مقدراتها، سواء بالقدرة النارية أو بالقدرة البشرية، للمرحلة الفاصلة، وقد ارتفعت وتيرتها إلى الحدّ الذي لم يعد قادة كيان الاحتلال من سياسيين وعسكريين يملكون جواباً يقولونه لمئة ألف مستوطن هجروا من مستوطناتهم، وقد تحوّل شمال فلسطين المحتلة الى جبهة حرب، وضربت التحصينات والمواقع وأُحرقت الدبابات وقُتل الجنود أو جُرحوا، والمساعي الدبلوماسية التي تحدّث عن انتظار نتائجها وزير حرب الكيان يوآف غالنت انتهت بلا جدوى، وقد سمع الموفدون جواباً واحداً، تتوقف الحرب على غزة ثم نصغي ونجيب، فماذا سيفعل الإسرائيلي، هو يختنق عسكرياً في غزة، ويختنق سياسياً في العالم، كما يقول الشارع الذاهب إلى الإضراب الشامل اليوم والضاغط على حكومات اضطرت أن تؤيّد دعوة وقف إطلاق النار في مجلس الأمن، حتى وجدت واشنطن نفسها وحيدة تستخدم الفيتو وتتساءل إلى متى سوف تستطيع ذلك، وهي أيضاً تخسر في شارعها؟
– الوقت ينفد حتى داخل الكيان، ولم تعد للحرب خريطة طريق للنصر، وعائلات الأسرى تتحوّل شارعاً فاعلاً يستقطب المعارضين للحكومة والمعارضين للحرب على السواء، فهل يشكل توسيع الحرب نحو اليمن أو نحو لبنان، أو كليهما، طريقاً للخروج منها عبر توسيعها، بالنسبة لبنيامين نتنياهو؟
2023-12-11 | عدد القراءات 168