صداع البحر الأحمر
التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل
- لا يستطيع الأميركي أن ينكر أنه عندما اتخذ قرار الحرب بالشراكة مع كيان
الاحتلال بالحرب التدميرية على غزة واستهداف شعبها ومقاومتها بنية
الاجتثاث، أن يتحول اليمن إلى مصدر صداع يصعب احتواؤه.
- انتبه الأميركي لفرضية توسع جبهات القتال مع قرار الحرب على غزة، لكن
عينه كانت على جبهة لبنان، ودور حزب الله، الذي يملك فائض قوة ناري
وقدرة بشرية عسكرية تشكل جيشا يحسب له الحساب، وتعامل مع سائر
الجبهات وفي مقدمتها اليمن باستخفاف.
- لم يتوقف حزب الله عند التهديدات الأميركية، وفتح جبهة جنوب لبنان، لكنه
لحسابات تتصل ببقاء العنوان الفلسطيني في واجهة الأحداث أبقى وتيرة القتال
على جبهته على درجة حرارة أدنى منها على جبهة غزة، وأبقى حضوره
الإعلامي والسياسي خلف الحضور الإعلامي والسياسي للمقاومة في فلسطين
وخصوصا حركة حماس، وقطفت المقاومة ثمار هذا التصرف نهوضا
مفاجئا لشارع عالمي وغربي خصوصا انقلب على كيان الاحتلال وتحول قوة
ضغط على الحكومات الغربية لصالح نصرة فلسطين، ونهض شارع عربي
مواز أقل قوة، لكنه خيب آمال الرهانات على أبعاد الشارع العربي عن
المقاومة بذريعة أنها مجرد امتداد لإيران، وقد تنبه حزب الله لهذه الرهانات
واحبطها بجعل جبهة لبنان و حضور قياداتها في موقع أدنى من وتيرة جبهة
غزة وحضور قياداتها.
- أدت جبهة لبنان الكثير لصالح غزة والمقاومة، لكن الثمرة الناضجة لمحور
المقاومة التي أربكت كل الحسابات جاءت من اليمن وليس من لبنان، حيث
شكل قرار أنصار الله بالإمساك بالملاحة في البحر الأحمر وإدارتها وفق
معادلة الحصار على كيان الاحتلال مقابل الحصار على غزة، والفيتو اليمني
الميداني لصالح وقف إطلاق النار، مقابل الفيتو الأمريكي ضد وقف إطلاق
النار، ووقع الأميركي في الحيرة، حيث كل قوة الردع الأميركية على المحك
في ملف من أشد الملفات حساسية لواشنطن بمعزل عن حسابات حرب غزة،

حيث الصمت عن إمساك أنصار الله بزمام المبادرة في أمن البحر الأحمر
كارثة لا تحتمل، وقد بدأت الشركات العالمية للنقل البحري تستجيب
لتحذيرات أنصار الله، فتعلن على اختلاف هوياتها، الامتناع عن نقل
الحاويات الاسرائيلية، اما الذهاب الى التصعيد فسوف يجعل الوضع أسوأ،
ويفجر مواجهة تدفع الملاحة البحرية ويدفع أمن الطاقة، وعبرهما أوروبا
أثمانها المرتفعة.
- سوف يسهم أنصار الله من بوابة البحر الأحمر حكما في وقف العدوان على
غزة، لكن بعد نهاية العدوان، سوف يكون الأميركي من منح أنصار الله
الفرصة للتحول الى قوة اقليمية دولية من بوابة الشراكة في رسم مفهوم الأمن
في البحر الأحمر، قوة تملك حق الفيتو.

2023-12-21 | عدد القراءات 178