ماذا عن اغتيال القائد العاروري وما بعده؟ نقاط على الحروف ناصر قنديل

ماذا عن اغتيال القائد العاروري وما بعده؟

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- يعتقد بنيامين نتنياهو أنه يضع المقاومة في لبنان بقيادة حزب الله و بشخص أمينه العام السيد حسن نصرالله، في نقطة الخيارات الصعبة والحرجة عبر عملية الاغتيال المدروسة و المنتقاة والدقيقة التي استهدفت شخصية قيادية غير عادية من حركة حماس، ذلك أن الشهيد شيخ صالح العاروري هو اضافة لصفته السياسية نائبا لرئيس حماس، أحد مؤسسي قوات القسام، وممثل الحركة والقسام لدى قوى محور المقاومة، وضابط الاتصال في العلاقة بين حماس والقسام مع حزب الله والسيد نصرالله شخصيا، و قائد القسام وحماس في الضفة الغربية، والمشرف على تسليح المقاومة فيها، والاغتيال في العاصمة اللبنانية بيروت، من بوابة ضاحيتها الجنوبية، ويعلم نتنياهو ان السيد نصرالله عندما تحدث عن التحذير من عمليات اغتيال تستهدف قادة فلسطينيين في بيروت وضاحيتها، وتهديده باعتبارها كسرا لقواعد الاشتباك سوف يرتب عواقب كبرى، كان يقصد بالتحديد ما تضمنته تقارير أمنية ودبلوماسية وصل بعضها إلى الإعلام عن نية اسرائيلية باغتيال الشيخ صالح العاروري.

- يراهن نتنياهو على ان السيد نصرالله بين خيارين خطيرين، الأول إن يطبق على العملية ما سبق وهدد به، سواء لأن الاغتيال استهدف رمزا يعني الكثير في تجربة المقاومة وفي محور المقاومة، وثانيا لأنه عودة الى الاغتيالات التي يمكن أن تفتح الباب أمام إستهدافات أخرى، وثالثا لأن الاغتيال انتهاك لحرمة العاصمة والضاحية الجنوبية، يهدد بأن يجعلها ساحة مفتوحة لحركة الاحتلال الأمنية، ورابعا لأن السيد نصرالله كان واضحا عندما رسم معادلة التحذير من عواقب اغتيال قادة فلسطينيين في بيروت أو في ضاحيتها، أما الخيار الثاني فهو احتواء العملية تفاديا لمنح نتنياهو الخيار الذي يرغب بأخذ الحرب في المنطقة إليه، ليهرب نتنياهو من نتائج الفشل العسكري الذريع في غزة، عبر توسيع دائرة الحرب نحو جبهات تختلط فيها الأوراق وربما تذهب الى حرب اقليمية تتوزع فيها الخسائر وتضيع فيها المسؤوليات، ويتوزع فيها عبء الفشل، وكذلك ليهرب نتنياهو من تصدر العنوان الفلسطيني للحرب وما يتسبب به مع مجازر الاحتلال بحق النساء والأطفال من عزلة دولية وخسائر سياسية كبيرة، فيتخذ عنوانا جديدا للحرب أقل وطأة بتصعيد جبهة لبنان بعد محاولة تصعيد جبهة سورية، لطمس المفعول الموجع لعنوان فلسطين، وان سلك السيد الخيار الأول ربح نتنياهو بالذهاب بالحرب الى حيث يرغب، وان سلك السيد الخيار الثاني ربح نتنياهو صورة نصر تسترد بعضا من قدرة الردع، وفتح طريقا لانتصارات مشابهة، في بيروت والضاحية وبتصعيد خط الاغتيالات.

- ما لم ينتبه له نتنياهو أن المقاومة كانت دائما تبتكر خيارا ثالثا بين الخيارين اللذين يرسمهما لها الاحتلال ويتوهم أنهما الزاميان، رغم أن نتنياهو عاش تجارب كثيرة من الحروب مع المقاومة، ولذلك فإن الأكيد هو أن كلمة السيد حسن نصرالله اليوم سوف تخصص جزءا هاما منها لرسم معادلة جديدة، تحذر الرأي العام في الكيان وقياداته العسكرية ومن خلفهم الأميركي والغرب كله، من خطورة تسهيل رغبة نتنياهو بالانزلاق الى حرب كبرى، قد تكون بداية نهاية الكيان، لا ترغب المقاومة في لبنان بالنظر إليها كخيار أول في هذه الجولة، التي حددت لها المقاومة في فلسطين هدفا هو وقف العدوان وفك الحصار و تبادل الأسرى، وارتضته من خلفها كل قوى المقاومة ومحورها، لكن المقاومة لا تخشى هذا الخيار وهي جاهزة لخوض غماره وتحقيق النصر فيه، إذا لم يتم لجم مغامرات نتنياهو وتهوره و إستفزازاته، و المقاومة عازمة على الرد على كل الأبعاد التي تمثلها عملية الاغتيال، سواء لكونها خرقا لخط أحمر اسمه العاصمة، أو لمكانة ودور الشخصية المستهدفة بالاغتيال، والرد سيكون مؤلما بحجم ما يمثله هذان البعدان، ورادعا بحجم ما يجب ان يحمي هذين البعدين، وعلى الراغبين بعدم الانزلاق الى الحرب الشاملة، داخل الكيان وخارجه أن يتعاملوا مع الرد باعتباره ردا على استفزاز وانتهاك وخرق لخطوط حمراء، يمكن له أن يقف عند هذا الحد، اذا قبل على هذا الأساس، أمام اذا قام من يدعون انهم لايريدون التصعيد ويسعون لحصر دائرة الحرب على أضيق نطاق، بتقديم الغطاء لرد على الرد يفتح الباب للتدحرج نحو الحرب المفتوحة، فهذا يعني انهم من الصل شركاء نتنياهو في تصميم عملية الاغتيال وما تمثله من مشروع، وعندها على هؤلاء ان يتحملوا تبعات التدحرج نحو الحرب الشاملة ان كانت هي مشروعهم.

- الامتحان الحقيقي لمدى استيعاب القوى الفاعلة في الكيان لخطورة المرحلة التي أخذها إليها الطاقم الحاكم، والامتحان الحقيقي لمدى استيعاب الغرب وعلى رأسه أميركا للعواقب المترتبة على هذه المغامرات الخطيرة، سوف يكون في مرحلة ما بعد رد المقاومة، وعندها نكتشف ما ذا كان سحب حاملة الطائرات الأميركية وتأجيل زيارة وزير الخارجية الأميركية إلى الكيان، خطوات إنكفائية واحتجاج عسكري ودبلوماسي على تهور نتنياهو، أم هو تقسيم أدوار تمثل الخطوات الأميركية فيه افساحا في المجال ومنحا للمزيد من الوقت لاختيار الخيارات الخطرة، وابتعادا عن مدى النار تفاديا لتلقي الخسائر؟

- من يريد إصدار بيانات الدعوة لضبط الناس عليه أن يؤجل إصدارها لما بعد رد المقاومة، لأن إصدارها قبل الرد إعلان شراكة في عملية الاغتيال والسيناريو الذي تريد افتتاحه.

 

2024-01-03 | عدد القراءات 122