كلمة السيد والـ100 يوم والحرب
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- تصادفت كلمة الأمين العام لحزب الله في ذكرى استشهاد القيادي في المقاومة وسام الطويل مع دخول الحرب على غزة اليوم الـ 100، والمشترك بين المناسبتين، كلمة السيد واليوم ال100، هو الفرصة التي تتيحانها لفحص موازين القوى التي رسمتها الحرب، وميزان الخسائر على ضفتيها، والأفق الذي ترسمانه.
- في كلمة السيد وضوح للثقة بالتفوق الذي نجحت قوى المقاومة في فرضه على عدة مستويات، أهمها وأولها هو صمود غزة سواء وخصوصا شعبها الذي تحمل ويتحمل ظروفا شديدة القسوة تصل حد استحالة العيش ولم يصرخ ولم يقدم للاحتلال أي إشارة على الضعف، لكن الى جانبه قدمت المقاومة في غزة بطولة اسطورية ومهارة منقطعة النظير، ومقدرة استراتيجية وتكتيكية أكدت أن النصر الذي حدث يوم 7 تشرين الأول لم يكن ثمرة عامل المفاجأة إلا لجهة سرعة الإنجاز، بدليل أن النتيجة ذاتها تتحقق بوقت أطول خلال حرب غزة، حيث اليد العليا للمقاومة وهي من يفرض إيقاع القتال، رغم مشاركة كل فرق وأولية جيش الإحتلال عمليا في الحرب بما لا تتسع له جغرافية غزة، وبعد مئة يوم تبدو المقاومة بكامل حيويتها واقتدارها وإدارتها المبهرة للحرب، بينما يبدو جيش الاحتلال منهكا عاجزا وتحت عبء وضغط الفشل تلو الفشل.
- في كلمة السيد لغة تحد لفرضية الحرب على لبنان التي يطلقها منذ مدة قادة كيان الاحتلال، وينقل التهديد بها الوسطاء الغربيون إلى لبنان، وهذه أكثر مرة تكون نبرة كلام السيد نصرالله بهذا الوضوح وهذه الحدة، لجهة التعامل مع فرضية الحرب، حيث من يجب أن يخشى الحرب هو الكيان، وحيث المقاومة لا تخشاها وسوف تخوضها بكل قوة وبلا ضوابط ولا سقوف، والجديد هنا ليس الموقف، بل المنطلقات، وجوهرها حال الكيان الذي يراه السيد أشد عجزا من أي لحظة مضت عن التفكير بخوض حرب، فهو مفكك سياسيا ومنهك اقتصاديا ومحبط اجتماعيا، أما عسكريا فالجيش ممزق و جراحة مثخنة وأولية النخبة مدمرة، والذخيرة تنفد والروح المعنوية في أدنى مستوياتها، بينما المقاومة على أعلى درجات الجهوزية، وبيئتها الحاضنة معها بكل قوة، والبيئة اللبنانية سوف تكون موحدة خلفها عندما تكون في حال دفاع عن لبنان بوجه حرب يشنها الاحتلال، والبيئة العربية سوف تحتفل بذهابها الى الحرب الكبرى، والبيئة الدولية سوف تبقي دعمها لفلسطين وتضيف إليه التنديد بالعدوان على لبنان أسوة بما يجري مع اليمن عربيا ودوليا.
- في كشف حساب ال 100 يوم، من المهم التوقف أمام ميزان خسائر جيش الإحتلال، بعيدا عن كذب وتزوير ماكيناته الإعلامية، فما نشر علنا عن عدد المصابين بصدمات نفسية الذين يزيدون عن 9 آلاف، وعن عدد المصابين بإعاقة دائمة الذين يزيدون عن 12 ألفا، يسمح بقياس حجم الإصابات الإجمالي في بنية جيش الإحتلال بما يقارب ال100 ألف، حتى لو عاد نصفهم إلى القتال فإن ذلك لا يلغي احتسابهم في عداد المصابين، والجيش الذي شارك من قواته النظامية وقوات الاحتياط فيه 200 ألف جندي وضابط في الحرب، ويصاب نصفهم، هو جيش لا يستطيع أن يستمر بالحرب.
- لا يغير من هذه الحالة المزرية لجيش الاحتلال ان يكابر بنيامين نتنياهو ويتحدث عن حرب حتى النصر، ولا أن يذهب الأميركي إلى ارتكاب حماقة مشابهة للحماقة الإسرائيلية في التورط بحرب مع اليمن، حيث النصر مرهون بضمان عبور السفن الإسرائيلية بأمان في البحر الأحمر، بمثل ما النصر الإسرائيلي مرهون بوقف إطلاق الصواريخ والنجاح بإطلاق الأسرى من غزة، وحماقتان لا تصنعان ذكاء، بل هزيمة، وهذا ما يبدو أنه الأفق الذي ترسمه الأيام ال100 من الحرب، والتي يبدو انها سوف تستهلك ال 100 ثانية حتى تتبلور سياقاتها النهائية وتستهلك الأوهام والحماقات، ان لم تتدحرج نحو الحرب الشاملة.
2024-01-15 | عدد القراءات 54