انتصار في مكان آخر

هنالك معركة طاحنة أخرى تدور رحاها في مبعد عن الأنظار ، وبهدوء وبلا جلبة … إنها المعركة الديموغرافية نسبة النمو السكاني للشعب الفلسطيني هي 3.5% … أي ان الشعب الفلسطيني يزداد بما يربو على نصف مليون انسان سنويًا … أي حوالي 1430 إنسان يوميًا … نحن مرتاحون في هذه المنطقة ، ونحن ننتصر بيسر وسهولة ومن دون قنابل ومن دون متفجرات … بينما في الناحية الأخرى ، وبأرقامهم ، غادر الكيان ما لا يقل عن 15% من مجمل تعدادهم ، 85% منهم لن يعودوا أبدًا … وإذا أضفنا الى هذا أنهم شعب ينحو نحو التمتّع في الحياة ، ويرى ان الإنجاب يلغي هذه الرغبة ، ويحدّ من قدرته على إغراق ذاته في ملذّات الحياة ، فإننا بإزاء انتصار باهر في هذه المنطقة … ولا يمكننا التكهّن ، وفي حالة إصرار الأحمق بيبي على الاستمرار في الحرب ، الى أي منحدر سيصل بكيانه المتآكل ، وبالنسبة والتناسب ، فإن استمرار هذه الحرب لسنة أخرى فإن بيبي سيكون رئيساً لحكومة بقايا كيان ، لا تعوزه إلا قشّةً حتى ينقصم ظهره ومن ثمّ يتلاشى . يقول أليكسيس كارليل ، الله ضرورة دنيوية . حتى لأولئك الملحدين … فالإبقاء على حالة من التوازن النفسي للإنسان ، تتطلّب منه بالضرورة أن يؤمن بوجود الله … أما أنا فأقول بأن الانسجام مع حتميّة الموت ، والتعايش مع الموت ، هو ضرورة دنيوية أخرى … الموت هو أكثر الحقائق رسوخًا في حياتنا … فكل ابن آدم واردها … يقول سيدنا محمد … موتوا قبل أن تموتوا … وبما ان الموت هو التملّص المطلق من الوجود المادي … فإن الموت قبل الموت هو التحلّل الطوعي من أشياء الحياة … والارتقاء بالذات الموضوعي والتسامي الى منطقة القناعة ، وقبول ما تيسّر فقط من المراكمات المادية … لذلك فإنك ترى أولئك ، بين ظهرانينا ، من طالبي الشهادة ، هم أكثر الناس تقشّفاً ، قانعون بالمستصغر من متطلبات الحياة بما يقيم أودهم ، لا توجد لديهم تطلعات دنيوية ، ولسان حالهم دائمًا يقول

يا نفس قد أزف الرحيل وأظلّك الخطب الجليل

فتأهبي يا نفس لا يلعب بك الأمل الطويل

هكذا كان قاسم سليماني ، وأبو مهدي المهندس ، وعماد مغنية ، وعباس الموسوي ، وصالح العاروري ، ويحي عيّاش … وهكذا هو يحي السنوار ، ومحمد الضيف … طوابير طويلةً من الشهداء ومن طالبي الشهادة في محور المقاومة … لن تجد لهم مثيلًا لدى أعدائنا … صهاينة أو انجلوساكسون أو أعراب … فشتّان بين الثرى والثريّا .

سميح التايه 

2024-01-23 | عدد القراءات 114