4 سيناريوهات افتراضية
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- يثير الكلام الإعلامي والسياسي عن عملية عسكرية إسرائيلية وشيكة في رفح، مرفق بالإيحاء الى نصر إسرائيلي ثابت في مجالين، تهجير الفلسطينيين وإلحاق الهزيمة بالمقاومة، السؤال الفضولي الكبير، أنه لو كان لدى واشنطن وتل أبيب هذه الثقة التي يتحدث بها محللون وسياسيون عرب بنتائج العملية العسكرية، هل كانت مجرد فرضية تحتاج الى نقاش، وهل أن تحمل الضغوط الناجمة عن الفشل المتلاحق طوال أكثر من أربعة شهور، يمكن أن يعوضه غير نصر كبير بهذا الحجم، وهل فعلا يأبه الأميركي ويمكن أن يصغي الإسرائيلي للحديث عن حياة المدنيين مع وجود فرضية نصر محقق بهذا الحجم، وهل يهم ماذا سيكون مصير التفاوض وماذا ستفعل مصر عندما يكون باليد فرصة للنصر بهذه الأهمية؟
- الحقيقة هي أن التردد في خوض غمار عملية رفح نابع من خشية جيش الاحتلال من الفشل، والنقاش الأميركي للعملية تحت عنوان المدنيين هو نقاش بالرموز حول فرضيات الفشل، والخيار المفضل لدى واشنطن وتل أبيب هو استخدام العملية سيفا مسلطا على مفاوضات القاهرة لضمان أوسع ضغوط مصرية على قيادة قوى المقاومة سعيا لتفادي العملية، أملا بأن تنجح الإيحاءات بأن العملية سوف تبدأ فور التيقن من فشل مفاوضات القاهرة، بالحصول على تنازلات ذات قيمة نوعية من قيادة المقاومة، يمكن لها أن تمثل إنجازات تفاوضية يعتد بها، وتتيح القول، لو لم نصل إلى نتيجة بهذه الأهمية لكانت الأوامر صدرت للبدء بعملية رفح.
- إلى جانب هذا السيناريو هناك فرضية ثانية، هي البدء بعملية عسكرية في رفح لكن مع بقائها على نار هادئة، بحيث لا يستثير هذا الجزء منها ردود أفعال كبيرة، فيبقى بعيدا عن تجمعات المدنيين الكبرى وتبقى الخسائر بين صفوفهم تحت سقف الخسائر اليومية المعتادة، ويبقى بعيدا عن محور فيلادلفيا الذي يثير الحفيظة المصرية، لكنه يحقق هدفين، الأول الإيحاء بجدية العملية والاستعداد للسير بها، سواء عبر الحشود العسكرية او الكثافة النارية وتنظيمها، والثاني اختبار قدرات المقاومة بالنيران في مربعات ذات خصوصية في حسابات جيش الاحتلال يتوقع أنواعا خاصة من المواجهة فيها، يمكن أن تكون للمواجهة فيها معان استخبارية حول جهوزية المقاومة لمواصلة الحرب والروح القتالية لدى جسمها العسكري ومستوى القدرة القيادية على الضبط والسيطرة سواء بتحريك مجموعات القتال البري او اطلاق الصواريخ، وبناء على هذه الجولة التمهيدية العودة الى التفاوض، وهكذا تكرار التفاوض بالنار تحت عنوان مراحل من عملية رفح، قبل اتخاذ القرار النهائي، مزيد من التفاوض أم مزيد من النار، السير بالعملية حتى النهاية أم الذهاب بالتفاوض حتى النهاية؟
- السيناريو الثالث هو التوصل إلى هدنة وعملية تبادل، والإعلان عن إرجاء العملية لما بعد نهاية الهدنة، وربما الى ما بعد شهر رمضان، الذي يشكل اقتراب موعده ذريعة مناسبة للتأجيل، وربما يتم تكرار الأمر مرتين أو ثلاثة بالحدود التي تقبلها قوى المقاومة، التي تحرص ان يبقى بين يديها عدد كاف من الأسرى للمرحلة التفاوضية النهائية التي تتصل بطلبها اعلان وقف الحرب وتتضمن البنود الجوهرية المتصلة بفك الحصار واعادة الاعمار، وعندها تكون مع الهدنات المتصلة قد هدأت جبهات المساندة في لبنان والعراق واليمن، وارتاحت واشنطن من الضغوط، وتمكن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو من تفكيك جبهة الضغوط التي تتعرض لها حكومته من الجيش وقوى المعارضة وعائلات الأسرى، وامتلك القدرة على شن العملية أو نجح بتطويق قوى اليمين واعتراضاتهم على إنهاء الحرب وصولا لامتلاك القدرة على تقديم تنازلات أكثر تصل إلى قبول إنهاء الحرب ولو عبر نصوص غامضة دون القلق على بقاء حكومته.
- السيناريو الرابع أن تبدأ العملية وتكمل طريقها باعتبارها خشبة الخلاص كما وصفها نتنياهو، وفي هذه الحالة تطلق مسارات دراماتيكية غير متوقعة في كل المنطقة، لأن انتصار المقاومة سوف يعني تداعيات لا يمكن حصرها على كيان الاحتلال وجيشه وقدرته على التماسك، وبالمقابل فإن خطر هزيمة المقاومة عندما يصبح جديا سوف يتكفل بجعل الحرب الكبرى في المنطقة خيارا واقعيا، وعلى كل الجبهات، وهنا لابد من التوضيح أن المعني بانتصار المقاومة هو فشل جيش الاحتلال في تحقيق النصر، وبقاء المعارك في كل أنحاء غزة مستمرة بمعزل عن التقدم الجغرافي لجيش الاحتلال، والمعنى بهزيمة المقاومة ليس تقدم جغرافي لجيش الاحتلال، بل تراجع قدرة المقاومة على المواجهة ونجاح جيش الاحتلال بفرض وقف الاشتباكات التي تخوضها المقاومة مع وحداته بوتيرة تجعل استقراره مستحيلا.
2024-02-14 | عدد القراءات 105