بين نفي وتأكيد وتصريحات متناقضة وأحداث متسارعة تسيطر على المشهد اليمني ثمة ثوابت لا يمكن تجاهلها في المسار السياسي لليمن السعيد الذي شهد كل ما يمكن أن تشهده بلدان العالم من تقلبات وأشكال للحكم فمن الوحدة إلى التقسيم فالوحدة من جديد التي شكلت في الثلاثين من تشرين الثاني 1989 ظاهرة في الحياة السياسية والتي أتت بعد ثلاثة أسابيع من سقوط جدار برلين ومنذ ذلك التاريخ طويت صفحة الاتحادت وبات الشعار الأوحد فرق تسد.
وفي زمان تقسيم المقسم وتفتيت المفتت وزمان الخرائط الملونة التي وضعت في كواليس أجهزة الإستخبارات هناك من يسعى لإعادة تقسيم اليمن ولعل الخارطة التي رسمتها صحيفة "واشنطون بوست" الامريكية مكونة من قسمين شمال برتقالي عليه عبارة "منطقة الحوثيين"، والجنوب بالأصفر وعليه عبارة "منطقة القاعدة" وهو ما يكشف جزأ من المشروع الذي تخطط له واشنطن حيال اليمن.
في لعبة الربيع الأميركي والذي اجتاح الدول العربية من تونس فمصر مروراً باليمن بعد أيام من اندلاع الحراك في مصر وهو ما قرع جرس إنذار لأميركا ودول الخليج وخاصة المملكة السعودية والتي سارعت لإنضاج تسوية أخرجت علي عبد الله صالح من السلطة ووتسلم نائبه عبد ربه منصور الرئاسة خروج صالح النظري أبقى على نهجه الموالي للسعودية التي فعلت فعلها في المشهد اليمني.
تدرك السعودية ودول الخليج أن خروج اليمن من سيطرتها مقدمة لرسم خارطة سياسية جديدة للمنطقة لا تقوى دول متأكلة كدول الخليج على تحمل تبعاتها.
في اليمن هناك من يصور المشهد على أنه حرب أهلية أو احتلال حوثي لفرض إرادة حوثية على العاصمة صنعاء وأي من هذه السيناريوهات الثلاثة تسعد واشنطن بل تنتظرها بفارغ الصبر ورغم الضخ والسعي لتمرير إحدى هذه السيناريوهات فإنها صعبة التحقيق لأن الطرف القادر عليها لا يسعى لتحقيقها وهو الطرف الحوثي ويبدو كلام زعيم جماعة الحوثيين، عبدالملك الحوثي، في خطابه واضحاً برفض التقسيم والفيدرالية والسيطرة على البلاد بل أصر على الشراكة الوطنية رافضاً تغطية الرئيس عبد ربه منصور لعمليات الفساد التي يمارسها أولاده بتغطية سعودية وهو ما يرفضه الحوثيين المص�'رين على بناء وطن موحد خالي من الفساد والتدخل السعودي وهو ما يعني عودة اليمن سعيداً.
اليوم وبعد أن دارت عجلت ربيع التغير يبدو أن مسارات التغيير الحقيقي بدأت بالتبلور والتي بدأت تجلياته بالضهور في مصر بطوي صفحة الإخوان المسلمين في الحكم بسقوط مرسي وما شكلته عودة السيسي من بدء التصحيح في مسار ربيع العرب وأسقط القناع عن شعارات الديمقراطية والحرية وتقرير المصير عن وجه تيارات إسلامو أميركية أخفت معالم تبعيتها لأربع سنوات ومن مصر إلى تونس اتسعت دائرة التغيير باتجاه رسم معالم مستقبل وخارطة سياسية جديدتين في مسار التغيير في العالم العربي يبدو أن معالمه الحقيقية ومفاعيلة تسير نحو بناء حقيقي في اليمن لشراكة حقيقية في إدارة شؤون البلاد بين مكونات الوطن الواحد ليبدو تصحيح ربيع العرب بأوضح صوره في اليمن على أمل اكتمال الصورة في سورية انطلاقاً من اللقاء التشاوري في موسكو كمدخل لحوار سياسي يفضي لحل الأزمة السورية.
قبل ثلاث سنوات حاولت دول الخليج طرح مبادرة سورية على مبدأ مبادرتها لليمن في محاولة لتمرير المشاريع الأميركية في المنطقة واليوم شكل الصمود السوري قاعدة أساسية لبناء دولة يمنية لكل أبنائها.
تصحيح ربيع العرب الحقيقي في اليمن السعيد وتكتمل صورته في سورية
2015-01-21 | عدد القراءات 2431