بطل الإنسانية اسمه ارون بوشنل
التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل
- الحدث نادر الوقوع، ويحدث للمرة الأولى، طيار حربي في قوات البحرية الأميركية يأتي بلباسه العسكري الى مقر السفارة الإسرائيلية في واشنطن، ويسكب على بدلته وجسمه سائلا سريع الاشتعال، ثم يشعل النار بنفسه، وفي اليوم التالي توفى.
- الطيار ارون بوشنل سجل فيديو شخصي وهو يسير نحو تنفيذ المهمة التي اختارها لنفسه، فقال وهو يعرف نفسه بأنه جندي في الخدمة حاليا في القوات الجوية الأميركية، "لن أشارك بعد الآن في الإبادة الجماعية".وأضاف وهو في طريقه نحو مبنى السفارة الإسرائيلية: "سأنظم احتجاجا عنيفا للغاية الآن، لكن احتجاجي ليس كبيرا بالمقارنة مع ما يعانيه الفلسطينيون على أيدي محتليهم"، ثم أضرم النار في نفسه وهو يصرخ "الحرية لفلسطين" مراراً وتكراراً حتى توقف عن التنفس.
- هذا بطل من أبطال الإنسانية، لم يقبل أن يعيش شاهد زور فقرر أن يستشهد شاهدا للحق، ليقول لرفاقه أنهم يخدمون هدفا غير إنساني، وأن قيادتهم تأخذهم نحو عالم الجريمة، وأن اسرائيل ليست دولة الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان بل كيان إرهابي للجريمة المنظمة، وأن الفلسطينيين ليسوا ارهابيين معادين للسامية بل مناضلون لأجل الحرية.
- ارون بوشنل ليس عربيا ولا مسلما ومن أصحاب السحنة السمراء او الحمراء، بل من ابناء البشرة البيضاء، أميركي باب أول، وقف شاهدا شهيدا للحق الفلسطيني، وقبل أن نسأل عن تداعيات شهادته على الداخل الأميركي والأداء الرسمي الأميركي دعونا نتساءل عن عقدة الذنب وعقدة النقص التي تسبب بها لعدد من المواطنين العرب والمسلمين شعروا بالتقصير والجبن بمقارنة ما يفعلونه وما لا يفعلونه من أجل فلسطين وفق ما تمليه خلفيات الخوف والحرص على المصالح، ليات هذا الأميركي الأبيض الضابط الطيار ويصفع وجوه الجميع ويسكب الماء البارد فوق رؤوسهم.
- أرون بوشنل اسم سوف يكتبه التاريخ بأحرف من نور لأنه صرخة من أعمق نقطة في الوجدان الجمعي للبشرية، وهو ليس انتحارا ولا يأسا وإنهاء حياة ، انه تعبير عن شعور بالألم والوجع إلى حد الثقة بأن العالم النائم يحتاج الى صرخة بهذا الحجم حتى يصحو، وأن لم يفعل فهذا يعني انه يحتاج الى المزيد من الصرخات التي لا يجرؤ على اطلاقها الا احرار كبار وأبطال من أمثال ارون بوشنل.
2024-02-27 | عدد القراءات 130