نقاط ع الحروف6/3/2024

واشنطن لا تزال تتمسك بنتنياهو

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- رغم كثرة الكلام عن أن واشنطن ضاقت ذرعا برئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وأنها تسعى لإزاحة نتنياهو وفتح الطريق لمسار جديد يبدأ من حكومة إسرائيلية تتبنى حل الدولتين ووقف الحرب في غزة، يبدو أن الموقف الأميركي الفعلي في منطقة أخرى، ويبدو أن التمايز في المواقف العلنية لكل من الرئيس الأميركي جو بايدن وفريقه السياسي والأمني من جهة، ونتنياهو من جهة مقابلة، ليست أكثر من محاكاة من كل منهما للداخل الذي يعنيه سياسيا و انتخابيا، إضافة لما يمنحه الخطاب الأميركي الانتقادي لنتنياهو من هوامش في ادارة الملف التفاوضي.

- هناك كلام صدر في الأيام الأولى للحرب عن الرئيس الأميركي جو بايدن يدعو فيه نتنياهو الى التخلص من المجموعة المتطرفة في حكومته، ويقول ان عليه ان يغير في حكومته، لكن نتنياهو نجح باحتواء الطلب الأميركي بإقصاء ايتمار بن غفير و بتسلئيل سموترتش من خلال إضافة بني غانتس و غادي ايزنكوت إلى عضوية مجلس الحرب وحصر قرارات الحرب بالمجلس، وعندما صدرت دعوة يائير لبيد الموجهة الى نتنياهو الى اخراج بن غفير وسموترتش من الحكومة والاستعداد لتقديم شبكة أمان له للحفاظ على الأغلبية عبر انضمام المعارضة الى حكومة وحدة وطنية، بدا ان هذه هي خارطة الطريق الأميركية.

- تعرف واشنطن أن مشكلات الفشل في الحرب أكبر من أن تحل بخروج نتنياهو، وان المشاكل البنيوية التي تجعل الجيش الأميركي عاجزا عن الحسم في العراق وفي البحر الأحمر، هي ذاتها ما يجعل الجيش الإسرائيلي عاجزا عن الفوز بالحرب، كما تعرف ان الحديث عن حل الدولتين الذي صعد في الخطاب الأميركي لا يعبر عن امتلاك واشنطن لرؤية لحل المشاكل العميقة التي تعيق حل الدولتين مثل قضية الاستيطان والقدس، وتعرف ان معركة غزة هي جزء من المواجهة الدائرة بين واشنطن و محور إقليمي قاتلها في العراق وأجبرها على الانسحاب عام 2011، و قاتلها في سورية وأصاب مشروعها بالهزيمة رغم بقاء مرتكزات لهذا المشروع قادرة على ادارة حرب استنزاف ومنع التعافي الشامل لسورية لكنها أعجز من رد الاعتبار لمشروع السيطرة أو التقسيم، وأن الطريقة التي تنتهي بها حرب غزة سوف تكون من ضمن رصيد هذه المواجهة الممتدة في الزمان والمكان.

- تجد واشنطن في شخصية نتنياهو الزعيم الصهيوني القادر على إمساك جمهور اليمين الإسرائيلي الذي تحتاجه أي تسويات كي تنال المشروعية داخل الكيان، كما تجد في سياسيا فاسدا انتهازيا مستعدا لقول الشئ وعكسه وفعل الشيء وضده، واتقان لعبة التلاعب بالمواقف والكلمات والعبث بالجمهور، ويملك قدرة الرقص على الحبال وإدارة التوازنات، ولذلك هي تريد أن تصنع معه المشهد المقبل، ولا تجد ان البدائل المعروضة تستوفي الشروط المطلوبة لدور قيادي أول، لكنها تريدها ضمن الصورة وفي مواقع الضغط والضبط والشراكة، وهذا حال بني غانتس و غادي ايزنكوت ويائير لبيد وسواهم.

- ليس لدى واشنطن خارطة طريق واضحة للخروج من الحرب، ولا لاستمرارها، والا لوضعت نتنياهو بين خيارات حدية بالقبول أو الرفض، لكنها تدرك أن لا خيار اليوم لوقف الحرب إلا بصورة نصر للمقاومة وان استمرار الحرب يعني تدمير ما تبقى من تماسك عسكري وسياسي للكيان، لذلك لم تفعل واشنطن ما دعاها جوزيب بوريل إلى فعله لوقف حرب الإبادة الإجرامية بحق الفلسطينيين، وكلام بوريل بسيط وواضح، ويقوله اي عاقل لكن قوله من قبل بوريل له معنى خاص، وقد قال لا حاجة لان تسدي واشنطن النصائح لنتنياهو فيكفي أن تلوح بربط تقديم المال والسلاح بوقف الحرب حتى تقف.

- تريد أميركا حربا على وتيرة منخفضة تخفف مخاطر الخسائر المعنوية والعسكرية والسياسية لكيان الاحتلال، ومثلها ادارة باردة للمفاوضات، لكن لديها مشكلتين في الطريق لا تجد لهما حلا، الأولى كيفية إطلاق الأسرى دون وقف الحرب، والثانية كيفية تهدئة البحر الأحمر دون وقف الحرب، ولذلك تتحدث عن هدنة انسانية في رمضان ولو بدون تبادل، لاستثمار وقف النار في غزة على جبهة البحر الأحمر، وتسعى لتبادل بعد تحقيق الهدنة ولو دون معادلات عددية تحت شعار الحالات مقابل الحالات، مسنين ومرضى وأطفال ونساء بمعزل عن العدد، ولا يبدو نتنياهو بعيدا عن النظرة الأميركية.

 

2024-03-06 | عدد القراءات 156