نقاط عالحروف 7/3/2024

 

 

الترويج للحرب بمقال مزور

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

 

 

- ثلاثة أشياء لم تتبدل في مقالاتي ومقارباتي، على الأقل منذ طوفان الأقصى قبل خمسة شهور، أولها أن اميركا وكيان الاحتلال أعجز من التفكير بالذهاب الى الحرب الشاملة في المنطقة، وثانيها أن اليد العليا سوف تبقى لمحور المقاومة في حرب الاستنزاف المفتوحة التي بدأت لمحو آثار طوفان الأقصى وأخذت تتحول لتصبح تأكيد ا للنصر الذي صنعه، وثالثها أن العجز الأميركي الاسرائيلي عن خوض الحرب يجري التعويض عنه بخلق مناخ الحرب والتهويل بها، ولذلك كنت أحذر دائما من خطورة الانجراف وراء التسريبات والتحليلات والتقارير التي تحاول ولو من موقع يوحي بحسن النية أو القرب من قوى المقاومة، للقول إن اميركا وكيان الاحتلال يقدران على شن حرب كبرى على محور المقاومة، والتعامل مع كل كلام من هذا النوع بصفته من أدوات الحرب النفسية الهادفة لتسويش تفكير جمهور المقاومة، وخلق الذعر الشعبي من الحرب، ومحاولة إشغال المقاومة وإنهاكها في التعامل مع بيئات سياسية داخلية في ساحاتها تتخذ من التهويل بالحرب مدخلا للمطالبة بوقف أعمال المقاومة، سواء في فلسطين أو على جبهات الإسناد من لبنان الى العراق وسورية وصولا الى اليمن.

- لم أضع في حسابي أن يصل الإفلاس والعجز بالماكينة الإعلامية الأميركية الإسرائيلية الى حد تزوير مقال وتوقيعه زورا بإسمي و تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، بصورة توحي بأن إمكانات هائلة كرست لضمان انتشاره في فرنسا و الأميركيتين والبلاد العربية والاغتراب في أفريقيا ، لايصاله الى ملايين القراء دون مبالغة، حتى أنني منذ أسبوعين أتلقى يوميا المراجعات من مواقع مختلفة ومتعددة حول حكاية المقال، وقد افرحني ان نسبة كبيرة من الاتصالات كانت تطلب نفيا صادرا عني وإبداء الرغبة بالمشاركة في توزيع النفي، والمبادرة للقول بدلا من التساؤل عن صحة المقال، نحن عرفنا من الأسلوب وضعف التسلسل وغياب الحجة المقنعة أنه ليس مقالك، وفي المضمون نحن نتابعك ونعلم أن نهجك يقوم على زرع اليقين بالنصر والمقال مكرس لبث روح الهزيمة، وعندما حصلت على نسخة من المقال في 24 شباط الماضي نشرت توضيحا ونفيا على تويتر مرفقا بنص المقال، ووزعت النفي والنص المزور على العديد من مجموعات الواتساب، لكن الترويج والتوزيع مستمران حتى ليل أمس بعد تصحيح بعض الأخطاء اللغوية، لكن بقي غيرها ليكون دلالة على المستوى الهابط لماكينة الحرب الاعلامية في المعسكر الأميركي الاسرائيلي، وبعد التدقيق في النص يتبين أنه مكتوب باللغة الانكليزية وقد اعتمدت ترجمة غوغل لنقله إلى العربية، حيث الخطأ الشائع بنصب المرفوع ورفع المنصوب، فورد مثلا ان ما يزيد عن "اربعون ألف مقاتل"، وفوق الفضيحة اللغوية فضيحة في المضمون، حيث يكاد المريب يقول خذوني، فها هو كاتب المقال المنتحل لاسمي، يريد التقدم بعرض اسباب حسم قرار الحرب فيقول حرفيا "انتقال الجيش الاسرائيلي من سياسة الرد على خروقات حزب الله إلى المبادرة في العمليات العسكرية"، وتخيلوا ان اكتب بهذه الطريقة فأقول بدلا من جيش الاحتلال الجيش الاسرائيلي، واقول خروقات حزب الله بدلا من عمليات المقاومة، والهدف هنا ليس مجرد نفي المقال، بل تظهير مستوى التفاهة والبلاهة التي تدار بها امكانات هائلة للحرب الاعلامية يظهرها حجم الانتشار، ولكن مع تهافت النص واعتماد الكوبي بيست، والترجمة عبر غوغل، وصولا الى غياب الحجة القابلة للتداول.

- المقال يعرض ما يزعم انه اسباب كافية لقرار الحرب، والأصح للرغبة بقرار الحرب، لأنني دائما لا أناقش مبدأ وجود رغبة اميركية اسرائيلية بالحرب، لكن ماذا عن القدرة، وهذا ما نردده دائما، ان من يريد الحرب لا يقدر عليها ومن يقدر على الحرب لا يريدها، وحجتنا في غياب القدرة تقوم على عناصر نرددها دائما هرب المقال من نقاشها، فقدم لنا تأكيدا لها، لأن من استعمل الاسم قرأ مقالات صاحب الإسم ووقعت عيناه على حجج الإثبات لغياب القدرة الأميركية الإسرائيلية على خوض حرب، ولو كان لديه جواب على ذلك لقدمه، وعناصر حجتنا لعدم القدرة عديدة، أهمها أن الجيش الأميركي عاجز عن بذل الدماء باعتراف قادته، وما يقوله انسحابه من أفغانستان، وما يقوله هروبه من المواجهة المباشرة في سورية رغم الأهمية الاستراتيجية للحرب على سورية في الحسابات الأميركية، واللجوء الى التشكيلات الارهابية للاعتقاد بانها تستطيع تحمل بذل الدماء بما لا تستطيعه جيوش الغرب وجيش الاحتلال، وقد قال موشي أرينز تفسيرا لفشل حرب 2006 على المقاومة، لقد بتنا دولة وشعب وجيش نريد نصرا بلا دماء، وثانيا إن واشنطن في حرب كبرى في المنطقة سوف تتأخر سنوات عن المنافسة الاقتصادية مع الصين، وهي ترى أن انشغالها بحربي العراق وأفغانستان كان احد اهم اسباب امتلاك الصين فرصة التقدم في السباق، هذا اضافة الى ان حروب القرن ال21 كما تظهرها حرب أوكرانيا هي ليست حروب القرن ال20 كما اظهرتها الحرب العالمية الثانية وما بعدها، اي حرب الطائرة والدبابة، بل هي حرب الطائرة المسيرة والصاروخ الدقيق ومشاة البر، وهذه هي حرب محور المقاومة التي يتفوق فيها ويتقن خوضها، كما قالت ضربة أنصار الله لمنشآت آرامكو عام 2019، وتقول مواجهات البحر الأحمر اليوم بلسان كبار المسؤولين الأميركيين الذين بعترفون انها اخطر حروبهم منذ الحرب العالمية الثانية.

- حقيقة المقال على مستوى المضمون انه تافه ليس فيه مادة فكرية ولا حجج منطقية للنقاش، بل مجرد خبريات مرصوفة للقول إن واشنطن تفكر بالحرب، ومن قال إنها لم تفكر بالحرب منذ أن جاءت بحاملات الطائرات ووجهت التهديدات، وهي تعلم ان هزيمة كيان الاحتلال هي هزيمتها، لكنها لم تفعل لأنها فكرت مجددا بالقدرة، فتراجعت وارتضت إدارة الحرب على وتيرة منخفضة، وهي عالقة بين العجز عن خوض الحرب الكبرى والعجز عن إنجاز تسوية كبرى، لأن التسوية الكبرى تعني تكريسا لانتصار الطوفان، وهزيمة كيان الاحتلال هي هزيمة مؤكدة للهيمنة الأميركية ومشروعها في المنطقة، ولأن الحال كذلك يجري ملء الوقت بخلق مناخ الحرب بدلا من خوض الحرب، وهذه الخزعبلات الاعلامية أحد تعبيرات درجة الانحطاط الفكري التي بلغتها الالة الاعلامية الأميركية في مدرسة آدم ايرلي وقد شارك تلامذته الصغار في عملية الترويج كما أوضحت عملية متابعة سيبرانية قام بها بعض المختصين لمن قاموا بتوزيع المقال على عدد من المجموعات دون التساؤل أو التدقيق، وأن يكون قد وقع الاختيار على استغلال اسمي فتلك شهادة ضمنية بمصداقية وثقة يعتبر صاحب الفبركة ان الاسم يوحي بهما في بيئة محور المقاومة، وهذا مصدر فخر واعتزاز، لكن من حيث لم ينتبهوا فقد صعب عليهم الاختيار المهمة سواء من حيث البنية اللغوية او من حيث المضمون وصياغة المحاججة وتسلل الأفكار، او الوجهة المعنوية النهائية لوظيفة المقال، اي مقال، فكان سهلا على كل من تزود بالايمان بالمقاومة خيارا وثقافة ان يكتشف بحدسه الصادق ان المقال مزور فيشترك في حملة مضادة للتحذير والتنبيه من التعامل معه ومع مروجيه، وهي جولة من حولات الحرب الاعلامية نربحها عليهم، فليحاولوا المزيد ونحن لمزيد من النزال جاهزون .

- ارفق ربطا نص المقال المزور للاطلاع.

 

 

 

الحرب قادمة

حتى منتصف ديسمبر كان المشهد العام يوحي ان الاميركيين لا يريدون توسيع المعركة في غزة و كانت حكومة الحرب متعنتة و تطالب بالمزيد من الوقت لتحقيق اي نصر امام الشارع الاسرائيلي.كل شيء تغيير بعد زيارة بلينكن مصحوباً بمساعد رئيس الأركان الأمريكي و مسؤول الشرق الأوسط في المخابرات المركزية الأمريكية إلى إسرائيل في منتصف ديسمبر.

على ما يبدوا ان الادارة الاميركية أخذت القرار بتصفية حماس و حزب الله مهما كلف الثمن و اعادة فتح ملف تغيير النظام في سوريا حتى لو كلف ذلك الدخول في معركة مفتوحة مع ايران.

الدلالات على هذا القرار الخطير أخذت تصبح اوضح يوماً بعد يوم.

ثلاث فيتوهات على قرار وقف الحرب في الامم المتحدة،نقل ما يزيد عن أربعون الف مقاتل و ثلاثمائة دبابة و مدرعة من غزة و الضفة الغربية إلى الحدود الشمالية،انتقال الجيش الاسرائيلي من سياسة الرد على خروقات حزب الله إلى المبادرة في العمليات العسكرية و توسيع رقعة الاستهداف في لبنان و التقصد في استهداف المدنيين،تشكيل قوة عسكرية أوروبية للتفرغ للملف اليمني،التصريحات الغريبة اللتي بدأت تصدر من الخارجية المصرية،إعلان البدء في تنفيذ ٣٠٠٠ وحدة استيطانية جديدة في الضفة،إعلان إجراءات امنية جديدة لمنع المصليين من دخول المسجد الأقصى في شهر رمضان المبارك و اخيراً و ليس اخراً الرسالة اللتي حملها اموس هوكستين قبل ٣ ايام إلى السفير الايراني في لبنان " في الشرق الأوسط الجديد لا يوجد مكان لحماس او حزب الله ".رسالة واضحة و مرعبة في سطر واحد.

الخطة أصبحت اكثر من واضحة،تهجير اهل غزة إلى مصر المنهارة مالياً و تهجير اهل الضفة إلى الوطن البديل و هجوم جوي و بري شامل لتدمير لبنان مهما كلف الثمن.

نحن الان نتحدث عن اسابيع و ليس اشهر لبدء هذه المعركة و الادارة الاميركية مستعدة للقتال حتى آخر عسكري اسرائيلي في معركة مقدر لها ان تستمر سنتين.

المحرك الرئيسي لهذا التحول في الفكر الأمريكي هي دراسة قدمها جيسون ماثيني رئيس معهد راند للدراسات تقول ان اميركا اضاعت فرصة تاريخية في ال ٢٠٠٦ في القضاء على حزب الله و القضاء على النفوذ الايراني في المنطقة و تكمل الدراسة بالقول ان الأمور ستصبح اشد تعقيداً في اللحظة اللتي تحصل فيها ايران على السلاح النووي.

الحرب على لبنان سوف تكون كارثية على المنطقة مع توقعات باجتياح تركي كامل للشمال السوري.

نتيجة هذه الحرب ستعيد رسم ليس فقط الشرق الأوسط بل العالم .. و الأعين كلها ستكون على ردة فعل الدب الروسي !

 

 

2024-03-07 | عدد القراءات 141