السيد عبد الملك الحوثي هو المفاجأة وليس اليمن
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- شعب اليمن العظيم لم يتغير في حبه لفلسطين ونهضته لنصرة القضايا العربية، وتاريخ ساحاته شاهد على ذلك، و قدرة اليمن على تحقيق معجزات ترفع مكانة العرب في العمارة والحضارة واللغة لم تتغير ومنجزات اليمن حاضرة غير قابلة للإلغاء أو التهميش، الذي تغير هو ان اليمن وجد قائدا استثنائيا فذا، عقائدي حتى النخاع الشوكي، استراتيجي من طراز رفيع، ذكاء سياسي مركب متعدد المهارات، قدرة توعوية وتثقيفية ودعاويه سجالية واقناعية ملفتة ومبهرة، شجاعة ميدانية بخلفية استعداد عال للتضحية لا تضاهى، والسيد عبد الملك الحوثي هو هذا القائد.
- لقد راقب اليمنيون مسيرة هذا القائد وتوثقوا من صدقه وعمق رؤيته وصواب منهجه فوثقوا به قائدا، وكان مرور الأيام والشهور والسنوات شاهدا على اتساع قاعدة هؤلاء الذين يتوثقون فيثقون، وشيئا فشيئا نجح السيد عبد الملك باستقطاب شرائح من النخب والمثقفين والشعراء والكتاب والمفكرين، و بإشعال مشاعر النخوة والشعور بالعزة والكرامة لدى الشعائر العربية العريقة في اليمن، فحصل على مبايعة هؤلاء كزعيم سياسي، دون أن يضعف ذلك من وهج عقائديته والتزام محازبيه العقائديين وولائهم.
- كانت تجربة السيد عبد الملك في حروب صعدة قبل ما سمي بالربيع العربي وما لحق اليمن منه، فرصة لبناء النواة الصلبة لتنظيم أنصار الله، وهي نواة ثقافية عقائدية نضالية وعسكرية، تشربت مع السيد عبدالملك أهمية الجمع بين خصوصيتها العقائدية و وطنية يمنية مخلصة، وعروبة صافية واسلام منفتح، فتحولت تلك القبضة من المؤمنين الواثقين الى قيادة يمنية موثوقة، وجاءت الثورات العربية التي فرضت حضورها في اليمن فرصة لحضور أنصار الله في معادلات حوارات يمنية، وفتحت الباب لتظهير مشروع سياسي يمني يحمله أنصار الله، ويتعرف عليه اليمنيون، وعندما حان الوقت في عام 2014 نجح أنصار الله باستقطاب غالبية شعبية وعسكرية أتاحت انتفاضة بيضاء سيطرت على أغلب الجغرافيا اليمنية دون قتال، في ظل ولاية منتهية لرئيس ركيك ضعيف لا يشبه اليمن بشيء.
- تعرض اليمن خلال سنوات ما بعد الحرب الظالمة التي شنت عليه لتشويه كبير، وحصار أكبر، وكان المناخ العربي الشعبي والسياسي على مستوى الحكومات والأحزاب، عدائيا بحق اليمن وأنصار الله والسيد عبد الملك، ولم يفت ذلك في عضد اليمن وأنصار الله والسيد عبد الملك، بل زادهم تعلقا بالصبر سلاحا، والمثابرة على موقف الحق الدفاعي المشروع حتى تقف الحرب الظالمة، ورغم كل مرارة الحرب لم يتردد اليمن وأنصار الله والسيد عبد الملك في مد اليد للجار الأبرز والأهم الذي تمثله السعودية والذي كان يقود الحرب، والمعادلة هي نكون أقوى معا، والحرب بلا أفق، وذراع اليمن لن يكسر وارادته لن تصادر ولن يكون حديقة خلفية لأحد، لكنه ليس مشروع عداء واستهداف وتآمر ضد أحد، خصوصا السعودية، رغم الحرب، ورغم مشروعية الخلاف في النظرة للكثير من العناوين، والحرب على اليمن بنظر اليمن وأنصار الله والسيد عبد الملك هي حرب أميركية اسرائيلية فلماذا يتحمل الجار والشقيق عبء ما تمثل من شر ويكون هو رأس حربتها.
- جاء طوفان الأقصى ليظهر لليمنيين والعرب والمسلمين والعالم، ماذا يمثل اليمن وكيف يفكر أنصار الله ، وماهية مشروع السيد عبد الملك، وانطلقت مسيرة نصرة غزة التي حولت البحر الأحمر إلى ممر مائي يحاصر منه كيان الاحتلال، وتعجز اميركا عن كسر الحصار، وامسك اليمن بقيادة السيد عبد الملك بحق النقض (الفيتو) في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مقابل الفيتو الأميركي في مجلس الأمن، وكلما قال الأميركي لا لوقف الحرب على غزة ولا لفك الحصار عنها، قال اليمن لا لعبور السفن الإسرائيلية والأميركية والبريطانية شركاء العدوان على غزة، فأكل العرب أصابعهم ندامة على ظلمهم لليمن، وهم يرونه بأم العين ينازل أميركا كل يوم ويفوز عليها، ويكتشفون كم هو الأميركي ضعيف عندما لا يمنحه العرب غطاء لحروبه، وكم هو اليمن عزيز الذي لم يستعمل قوته في البحر الأحمر لأجل ذاته لكنه لم يبخل بوضعها في كفة الميزان عندما صارت نصرة غزة في الكفة الموازية، حتى صار علم اليمن وصور السيد عبد الملك وصوت العميد يحي سريع من رموز فلسطين ونصرتها على مساحة العالم.
- اليمن اليوم هو مفاجأة ما بعد الطوفان، وكما كان الطوفان مفاجأة أظهرت أن المفاجأة هي شعب غزة ومقاومتها الأقرب إلى أساطير الأغريق في صناعة البطولات، أظهرت مفاجأة اليمن المفاجأة السارة التي مثلها وجود قائد تاريخي استثنائي عربي هو السيد عبد الملك الحوثي، يفخر اليمنيون بالانتساب الى مدرسته، ويفخر كل عربي حر شريف بأنه يعيش في زمانه، ومن سمعه بالأمس وهو يتحدث عن مقاومة حزب الله ويترافع عن انجازاتها، تيقن بأن مدرسة الأخلاق التي افتتحتها المقاومة في السياسة الحديثة هي سر من اسرار انتصاراتها.
2024-03-08 | عدد القراءات 142