التعليق السياسي 9/3/2024

توماس فريدمان والمقاومة العراقية

التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل

- في مقال مليء بالتناقضات حول العراق والمنطقة، أطل الكاتب الأميركي توماس فريدمان، صاحب العمود الرئيسي في صحيفة نيويورك تايمز، الذي ينظر إليه العرب نموذجا ومثالا للكاتب الصحفي الحر، ويقدمونه أيقونة إعلامية، والإطلالة الجديدة بعد زيارة امتدت لأسبوعين أقام خلالها في القواعد الأميركية في العراق وسورية، وفيما سرد فرديمان عناصر التفجير التي يمكن أن تفتح باب حرب في المنطقة، أطلق كذبتين، الأولى أن القواعد الأميركية موجودة لقتال تنظيم داعش، وهو يعلم ان هذه القواعد لم تشتبك مع داعش منذ سنوات، وان العمليات التي نفذت ضد التنظيم وا يمكن أن تنفذ هي تلك التي تخاض عن بعد بواسطة الطائرات المسيرة، ولا علاقة لها بالقواعد المنتشرة في سورية والعراق، والهدف ظاهر هو الإمساك بثروات النفط في البلدين، في سورية لسرقة النفط وحرمان سورية من عامل اكتفاء ذاتي لإنتاج الكهرباء وعامل استقرار لسعر العملة الوطنية، وفي العراق لمنح السيطرة المصرفية على عائدات النفط قوة ردع عسكرية تضغط على حكام العراق، أما الكذبة الثانية فهي عندما قال فريدمان ان الضربات الاميركية و التحذيرات الموجهة إلى إيران نجحت بمنع استهداف القواعد الأميركية في سورية والعراق، لكن يبدو أن ذلك لم يناسب أنصار الله الذين واصلوا لعبة التحدي في البحر الأحمر، فهل يعقل ان يفسر حربا كبرى بهذا الحجم بأن أمرا لم يرق ولم يناسب حليفا وناسب حليفا آخر وراق له، وبالمناسبة قبل أيام سقط قتلى أميركيون في ضربة لسفينة أميركية ولم يستطع الأميركيون فعل شيء.

- حكاية المقاومة العراقية تحتاج إلى صدق في روايتها، وصحيح أن المقاومة علقت عملياتها ضد القواعد الأمريكية، لكنها قالت هذا في بيان ولم يكتشفه فريدمان، وفي البيان قالت المقاومة شيئين آخرين، الأول أنها بدأت العمليات بعد طوفان الأقصى دعما لشعب غزة ومقاومتها، عقابا للقوات الاميركية على مساندتها الاجرام الاسرائيلي بحق الفلسطينيين، وأنها تستهدف هذه القواعد تحقيقا لمطلب وطني عراقي هو انسحاب القوات الأميركية من العراق، وعندما جاءت الحكومة العراقية بفعل العمليات التي نفذتها المقاومة تقول انها حصلت على التزام اميركي بالانسحاب وان لجنة مشتركة سوف تقوم بجدولة هذا الانسحاب، قررت المقاومة منح الحكومة مناخا مناسبا للتفاوض بتعليق العمليات، طالما أن هناك طريقة أخرى تناسب تحقيق الهدف الأصلي وهو نصرة غزة، وهنا يأتي الشيء الثاني في البيان وهو التزام المقاومة بالتعبير عن الوقوف إلى جانب غزة ومقاومتها بالطرق المناسبة، وخلال الفترة الفاصلة عن تعليق العمليات حتى أمس لم تهدأ عمليات المقاومة العراقية على اهداف اسرائيلية من مرفأ حيفا الى محطة تحويل الكهرباء الى قواعد عسكرية في الجولان، وهذا الفعل للمقاومة العراقية يمثل تحديا علنيا للتحذير الأميركي الصادر مع طوفان الأقصى من أي مساهمة بالتدخل في جبهات الحرب الاسرائيلية في غزة، وهو تحذير سابق لبدء عمليات المقاومة العراقية ضد القواعد الأميركية، ما يعني ان المقاومة اعادت تنظيم مهامها واهدافها وفقا لما حققته العمليات بفتح ملف الانسحاب وانتقلت الى طريقة مناسبة لدعم غزة ومقاومتها.

- توماس فريدمان مثال ونموذج نعم، لكن مثال ونموذج الخادم المطيع لتعليمات ماكينة الحرب الإعلامية والنفسية للقوات الأميركية.

 

2024-03-09 | عدد القراءات 156