نقاط ع الحروفة9/3/2024

ماذا يعني الرصيف البحري الأميركي في غزة؟

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- المقاومة في غزة تقرأ كل تفصيل في كل خبر وتقرأ ما وراء الخبر، وقد فتح اعتماد ارسال المساعدات الهزيلة والضحلة عبر الإنزال الجوي رغم ظهور لا جدواه وحجم آذاه ومحدودية ما يقدم بالقياس للحاجات، أن هناك وظيفة أخرى، سرعان ما ظهرت مع الإعلان عن الرصيف البحري المزمع إنشاؤه على شاطئ غزة، ومسارعة قبرص والاتحاد الأوروبي إلى الإعلان عن اعتماد هذا الرصيف سبيلا لإدخال المساعدات إلى غزة، فما هي حكاية الرصيف البحري في غزة؟

- اول الرسائل الواضحة التي يقولها هذا الرصيف هي ان الغرب كله، الأميركي والأوروبي، رغم تباينات في المواقف تجاه مسار الحرب، على موقف موحد بالتسليم بأن اعتماد معبر رفح طريقا للمساعدات فوق طاقتهم، طالما أن حكومة الإحتلال لا تريد فتح المعبر، وهذا الغرب يقول عمليا لكل عاقل بين الفلسطينيين والعرب، أنه وهو يدعوهم للثقة بأنه مستعد وقادر على الضغط على كيان الاحتلال لقبول قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية خالية من المستوطنات، عاجز عن الضغط على حكومة الكيان لفتح معبر رفح، فليصدق الأغبياء والحمقى ويلحق بهم التافهون.

- الرصيف البحري رسمت له خرائط، وهذا يقول أن الاستثمار في إنشاء منشأة بحجم رصيف بحري ليس مؤقتا ولا ظرفي أو قابل للإزالة، أي أن لا نية للانسحاب من غزة، وهذا يعني أن وراء اقفال معبر رفح والتشدد تجاه كل دعوة لفتحه بصورة طبيعية وظيفة، هي تبرير انشاء هذا الرصيف البحري بذريعة المساعدات، ليكون شكل الاحتلال الأميركي الذي يواكب الاحتلال الاسرائيلي كما هي الحال، هكذا هي دائما ففي عام 1982 عندما اجتاح جيش الاحتلال لبنان ووصل الى بيروت، كانت جرائم الاحتلال ذريعة تحت عنوان حماية المدنيين المبرر لنشر قوات متعددة الجنسيات بقيادة اميركية ضمت بريطانيا وفرنسا وايطاليا، لكنها جاءت لاكمال مهمة الاحتلال، وبقيت عندما عجز الاحتلال عن البقاء بفعل عمليات المقاومة، حتى إزاحتها عبر عمليات نوعية للمقاومة أجبرتها على الرحيل.

- الرصيف البحري حددت جغرافيته، وهي بالمناسبة وبمحض الصدفة ذات جغرافية حقول الغاز المتوقعة في ساحل غزة المسماة بمشروع غزة مارين، والتي تسابق قادة الكيان في الحديث عن تطلعهم لوضع اليد عليها، والغاز والنفط كلمة السر الأميركية في المنطقة، حيث مشاريع طويلة الأمد، هكذا كان الحال مع احتلال العراق، حتى عندما انسحب الأميركيون عسكريا عام 2011 بقي احتلالهم النفطي للعراق عبر الإجراءات المصرفية، وهكذا في ليبيا حيث يمنع الحل السياسي وتغذى الحرب الأهلية من محورين إقليميين تحت راية واشنطن يمول كل منهما فريقا ليبيا ويشجعه، وأميركا تدير النفط الليبي، وهكذا في اليمن وفي خلفية أسباب الحرب عليه والفيتو على الحل السياسي فيه، وفي سورية مثال لا يقبل التأويل والنقاش، حيث الاحتلال الأميركي باق للسيطرة على النفط كما اعترف ذات يوم الرئيس دونالد ترامب، وهي تسرق النفط وتبيعه وتحرم الشعب السوري من حقه بثرواته ومن خلال سرقة النفط تمنع عن السوريين كهرباء منتظمة كانوا يتمتعون بها وليرة مستقرة كانت تحميها استقلالية سورية في النفط والغذاء و اكتفائها الذاتي، وها هو ملف النفط والغاز يطل برأسه في غزة من بوابة الرصيف البحري.

- عندما تقرأ المقاومة كل هذا لا تحتاج الى دليل لتعرف أن ما يعرض عليها عبر التفاوض ليس سعيا لحل سياسي للحرب، بل عرض استسلام يمكن للحرب أن تستمر معه بأشكال أخرى تحقق ذات أهدافها، او مجرد شراء للوقت حتى تكتمل عدة السيطرة على النفط والغاز، لهذا يجب وضع كلام أبو عبيدة، الناطق بلسان قوات القسام، في إطار اليقين بأن الحرب مستمرة وكل طرف يخوضها لصالح أهدافه و باستخدام أدواته، والمقاومة معنية بمواصلة خوضها لتحقيق أهدافها بواسطة أدواتها.

 

2024-03-09 | عدد القراءات 195