هل كان محمد (صلًى الله عليه وسلًم ) وهو يقف كالطود الشامخ ، على تخوم الجزيرة العربية ، يبثّ المحبّة والإخاء والأخلاق والكرامة ، ويقاتل الذات القابضة ، والجذب المركزي المتفاقم في نفوس الناس ، ثم يندفع نحو أباطرة الغرب والشرق ، يلقنهم دروسًا في فن أن تكون إنسانًا في حالتي الحرب والسلام ، هل كان يعلم نبي الرحمة أنه سيتدفّق من تحت قدميه بعد أربعة عشر قرنًا ما سيستخدم في قتال دينه ، وفي تشويه قيمه ، وفي بثّ التناحر والتقاتل بين معتنقيه اعتمادًا على اختلاف في الاجتهاد هنا ، أو تفاوت في السرديّة التاريخية هناك …. لقد اخترعوا لنا الإسلام المسواكي ، كما اخترعوا قبل ذلك اليهودية التلمودية … فالديدن والأصل أصبح المسواك ، واللحية المرسلة ، واللباس القصير ، والدخول إلى الحمام بالقدم اليسرى ، وكراهة الأكل واقفاً ، وطقوس ما أنزل الله بها من سلطان … أما تحديد العدو من الصديق … والتحالفات وقرارات الحرب والسلام ، وأين ينفق المال ، ومن يستحوذ على هذا المال ، والكيفية التي يوجّه إليها ، فهي منوطة بولي أمر لا نعلم كيف وضع علينا … ثم نجد انفسنا وقد تحالفنا مع ألد أعداء الله ورسوله … ونجد ثروات الأمة تنفق على أهواءٍ ورغبات وسياسات ضالة ، والناس تتضوّر جوعاً ، والأوطان تباع ، والمقدسات في قبضة من هم لا يؤمنون بأي قداسة وبأي حرمات … كل حاكم منهم ترى الى جانبه مفتىٍ باع دينه في سبيل الدولار ، وهو جاهز للفتاوى غب الطلب ، بما يرضي رغبات الحاكم ونزواته … فتراهم يخرجون من خبيئة أكمامهم وأسحارهم تعويذة الضرورات تبيح المحظورات حينما يتساءل متسائل … أين ذهبتم بالعدة في ممارستكم لجهاد المناكحة … وتراهم حينما يتساءل متسائل آخر عن حروبهم وصولاتهم وجولاتهم في كل مكان في العالم ، وفلسطين تنتظر … يطلقون مسخرة تبريرية أخرى لا يرضاها مؤمن في قلبه ذرة من الإيمان ، بأن فقه الأولويات يحتّم علينا ان نضع فلسطين في مكان متأخر لألف عام قادم … هي حروب الميمات الثلاثة ، ابتدعوها لنا … مفتىٍ حقير … ومقاتل غبيّ أجير … ومال وفير … فوجدنا أنفسنا تقاتل قطعان الارهابيين من بين ظهرانينا حروب أمريكا وبريطانيا و"اسرائيل" … وتبذل الدم نيابة عنهم ، وتحقق أهدافهم ، ويبقى المسواك واللحية المرسلة حتى منتهاها ، والثوب القصير ، والدخول الى الحمام بالقدم اليسرى هو المهم ، وهو ما يعوّل عليه لتكون مسلمًا صالحًا … أما ان تقاتل في سبيل الشيطان ، وتبذل الدم خدمةً لأهدافه ، فتلك أمور ثانوية ، وهي متروكة لولي الأمر … مرحى لما وصلنا إليه ، ومرحى لكل هذا التهاوي وهذا النكوص … ولتبشر الأمة بمزيد من التراجع ومزيد من المتكئين على الكنبات وأخوة لهم على مرمى حجر يذبحون من الوريد الى الوريد… فنتثاءب ، ونعمل المسواك بأسناننا ، ونحتسب الى الله … ثم نغفو في نوم عميق ، نرى فيه عصافير الجنة بكثرة وبعشرات الآلاف … فنسبة الأطفال من المذبوحين عبر الحدود من أبناء جلدتنا هي النسبة الأعلى ، وهم يذبحون بلا حساب … سيبقى الحال على حاله طالما يصدح بالفتاوى والمواعظ على منابر المساجد … القرضاوي والسديس والعرعوري والعريفي وآلاف من هذه الفصيلة ، تتناسب ثرواتهم في البنوك تناسبًا طرديًا مع الكمية التي يقتل فيها دين محمد … فكلما تراكمت تلك الثروات في البنوك … كلما انزلق إلى نتفة من الطقوس والاجراءات والمنطوقات التي لا تسمن ولا تغني من جوع… هكذا أريد لدين محمد ان يكون … جثة هامدة على قارعة الطريق ، يُنظر إليها على عجل ، ثم يتمتم المتمتمون … حسبنا الله ونعم الوكيل .
سميح التايه
2024-03-12 | عدد القراءات 130