الرد الإيراني آت حتما…ماذا عن التداعيات؟
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- نستطيع أن نتحقق من أن الرد الإيراني على الغارة الإسرائيلية التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق وعدد من قادة الحرس الثوري بداخلها، بات أمرا واقعا غير قابل للنقاش، من إشارتين بالغتي التعبير، الإشارة الأولى هي أن الأصوات التي "فاعت" خلال يومين تشكك بأن ترد إيران وتتنمر على محور المقاومة بالحديث الساخر من الرد في المكان والزمان المناسبين، قد أصابها صمت القبور، ما يعني أن توجيهات صارمة لهم بالصمت قد وصلت، لأن الإستفزاز قد يجعل الرد أشد قسوة، ولأن الرد سوف يكذب مزاعمهم ويسقط ماء وجوههم، بل إن بعض هؤلاء بدأ يتحدث عن الرد كسبب محتمل لحرب يريدها بنيامين نتنياهو، وراح يقول إن الأفضل هو عدم الرد، وهؤلاء طبعا ليست قضيتهم الرد او عدم الرد، بل النيل من سمعة ايران ومحور المقاومة، لا لسبب يخصهم ويخص بلادهم، وهم لم يلمسوا اذى من ايران وقوى المقاومة عليهم وعلى بلادهم، بل لأنهم يستجدون الرضا الأميركي والأميركي يهمه أمن إسرائيل، وإيران وقوى المقاومة مصدر تهديد وخطر على هذا الأمن.
- الإشارة الثانية، هي ما بدأ يتوارد من أخبار من كيان الاحتلال، سواء لجهة استنفار الجبهة الداخلية وفتح الملاجئ، أو استدعاء الاحتياط في سلاح الجو والدفاع الجوي، وإعلان بدء التشويش على نظام تحديد المواقع، وحشد المزيد من بطاريات الصواريخ المضادة للصواريخ والطائرات المسيرة نحو جبهة الشمال والشرق وهي الجبهات المتوقع مجيء الإستهداف منها، ولاحقا قيام الناطق العسكري الإسرائيلي بمخاطبة جمهور المستوطنين مناشدا لعدم التهافت على الصرافات الالية لسحب النقود، والتوقف عن الهلع في تخزين المواد التموينية، وتأكيد أن لا حاجة لشراء المولدات الكهربائية، بعدما فرغت الاستهلاكيات من المواد التموينية ونفدت المولدات من نقاط البيع، وجفت الأموال النقدية من الصرافات الآلية، بسبب حالة الهلع التي أصابت المستوطنين، مع رية مناخ الاستنفار السياسي والعسكري تحسبا لرد آت، كما نقلت الصحف ووسائل الاعلام الاسرائيلية عن رسائل أميركية وصلت لقادة الكيان.
- سبق ذلك الكلام العلني الإيراني الحاسم الصادر من أعلى مستوى للقرار هو الإمام السيد علي خامنئي توجته تغريدة له باللغة العبرية تقول الإسرائيليين، الرد آت وسوف تندمون، وجاء ما تم تسريبه إعلاميا عن مداولات مجلس الأمن الدولي وكلام المندوب الأميركي عن الخشية من أن يشمل الرد الإيراني على كيان الاحتلال أهدافا اميركية رغم نفي واشنطن لأي شراكة بالمسؤولية عن الغارة، بما يعني أن النقاش لدى دوائر صنع القرار الأميركي أصبح حول استهدافات الرد والسعي لتحديد المواقع الأميركي من هذا الاستهداف، وليس حول مبدأ حدوث الرد، ودخلت المنطقة والعالم دائرة نقاش جديد عنوانه هل تؤدي الضربة الايرانية الى الانزلاق نحو الحرب؟
- كما كان فرض قواعد اشتباك جديدة واستعادة بعض ما فقدته قدرة الردع الاسرائيلية عبر الغارة على القنصلية، وقفا على عدم رد ايران وقبولها بالقواعد الجديدة وتأقلمها معها بما يعني التراجع أمام قدرة الردع الاسرائيلية، فان الذهاب إلى الحرب كاحتمال رهن بكيفية تعامل كيان الاحتلال مع الرد الايراني، والتعامل الاسرائيلي لن يكون اسرائيليا فقط، بل هو اميركي بالدرجة الأولى، لأن اسرائيل لا تستطيع التفكير بالتصعيد نحو حرب دون اميركا، ليس مع ايران، بل مع حزب الله، وكل التحليلات التي تتحدث عن فرضية الحرب تنطلق من اعتقاد أن نتنياهو يريد جر أميركا الى الحرب لأنه لا يستطيع خوض حرب بدونها، لكن هناك فرضية ثانية غير الحرب هي تصاعد الرد والرد على الرد، وخلق مناخ خطر كبير متصاعد يفتح الباب للتفاوض سواء دوليا وإقليميا، نحو وقف شامل لإطلاق النار في كل جبهات الحرب في المنطقة منعا لنشوب حرب إقليمية كبرى، وبما يجعل كلفة الهزيمة الإسرائيلية أقل في الداخل السياسي للكيان، باعتبار أن وقف النار هنا تضيع اكلافه بين غزة وسائر جبهات الحرب المتفرعة عنها.
2024-04-04 | عدد القراءات 279