نهاية حقبة السعودية – ناصر قنديل

رحيل  ملك أو زعيم او حاكم لا ينهي  حقبة زعامة بلده ، مهما كان شخصا عظيما ، فكيف إن كان محدود الثقافة والعلوم والمواهب و الإنجازات ، فالزعامة التي  تعقد  لدولة تتأسس على ما لديها من عناوين ومقدرات وأدوار ، ولأن الحديث  عن السعودية بعد رحيل الملك عبدالله بن عبد العزيز ، فإن السؤال عن مصير ما عرف بالحقبة السعودية لا يتربط بتراجع مقدرات دولة تتمتع الغنى المالي الفاحش سيبقي لها دور في المنطقة  وربما في العالم .

ما هي إذن الحقبة السعودية وهل إنتهت مع رحيل  الملك عبدالله ؟

أدارت السعودية برضى أميركي وأحيانا  كثيرة إسرائيلي السياسات العربية بقوة المال الذي تملك لكن بالإمساك بثلاثة ملفات عناوينها الإسلام والنفط وفلسطين ، فكان الإسلام الوهابي حتى عندما تولدت من رحمه القاعدة وقاتلت في أفغانستان هو المرجعية التي يراها الأميركي ضمانته بوجه إسلام تغييري  مقاوم كحال إيران وحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية أوإسلام  إصلاحي مدني و إستقلالي وطني كالذي برز بداية القرن العشرين مع مفكرين مثل عبد الرحمن الكواكبي و جمال الين الأفغاني أو سياسيين قادة مثل محمد مصدق في إيران وعدنان مندريس في تركيا ومرجعية النجف في عشرينات القرن الماضي ومكانتها بوجه الإحتلال البريطاني في العراق .

في النفط شكلت السعودية مرجعية التحكم بكميات واسعار النفط بإعتبارها تنتج نصف  ما يباع في السوق العالمية عبر منظمة أوبك يوميا أي  عشرة ملايين من  عشرين مليون برميل يوميا وربع ما يستهلكه العالم والمقدر بأربعين مليون برميل يوميا .

في فلطسين كانت السعودية تمسك بقضية فلسطين ، وتتبع لسقفها المواقف العربية من نية الملك فيصل الصلاة في القدس ومشاركته بتمويل ودعم حرب  تشرين عام 1973 إلى مبادرة الملكين فهد وعبدالله  اللتين لم يخرج من العرب  غيرهما  كمبادرات للسلام .

تغيرت الأوضاع كثيرا خلال  سنوات ، فقد تبلور الإسلام الذي ترعاه السعودية كمصدر للإرهاب لا يمكن التعايش معه ، ورغم موافقة واشنطن على الإستعمال المزدوج للقاعدة بكل متفرعاتها برعاية سعودية قطرية تركية ،وحيث الوهابية  هي المرجعية الفكرية للإرهاب ، و ذلك بأمل إسقاط سوريا والتحكم بهذه المفردات القاعدية من النصرة إلى داعش فقد  قالت النهاية أن سوريا لم تسقط والعراق لم يروض والقاعدة تجذرت وخرجت عن السيطرة ، وصار الإسلام السعودي عبئا ومصدرا للخطر وصار المطلب الأميركي لبقاء السعودية نفسها موضع رضى واشنطن أن تغير منهجها و تستبدل الوهابية  بفقه الإعتدال وتعلن ثورة ثقافية بوجه مشايخ وأئمة التطرف الذين يتحكمون بمرجعيتها الدينية .

النفط سلاح  ضغط على إيران وروسيا في ساحات تفاوض تقترب  من نهاياتها ، ويراد للسعودية أن تستنفد مدخراتها لحين تحصل واشنطن على أفضل الممكن من مفاوضاتها الصعبة مع إيران وروسيا ، لكن بعد ذلك سيكون لواشنطن تفاهمات تغنيها عن الحاجة للسعودية ، لكن السعودية تكون قد افلست .

في فلسطين دفن السلام منذ زمن وبقيت المبادرة العربية التي  تحمل إسم الملك عبدالله حي ما بقي حيا ، وليس لأنها قابلة للصرف فقد نعاها شارون يوم ولادتها ، وجربها وخبرها الفلطسينيون وإكتشفوا أنها كما وصفها شارون لا تعادل قيمة الحبر الذي كتبت به ، مع نمو التطرف الصهيوني وتنامي  خيار المقاومة لم يعد للمبادرة من درو سوى التذكير بإسم صاحبها  .

الحقبة السعودية تنتهي  حتى في الخليج حيث  زعامة السعودية تتعرض لأشرس مواجهة ، من الشعوب في البحرين واليمن ، وحيث نمو دور إيران وتفاهمها مع الغرب يفتح أبواب التواصل بينها وبني الحكومات  من وراء ظهر السعودية ، كما هو حال الكويت وعمان وقطر والإمارات .

إنتهت الحقبة السعودية ، وتدفن مع الملك ، وعلى السعودية التواضع لتقبل حجم يناسب مقدراتها بمثل ما كان على قطر التي  تنعمت بزعامة الربيع العربي وتولت تسمية حكومات دول كبرى مثل مصر وليبيا وتونس أن تتواضع مع رحيل أميرها وتتقبل حجما  يناسب حجمها الحقيقي .

 

2015-01-24 | عدد القراءات 3533