أميركا نحو وحدة الساحات: تايوان وأوكرانيا والكيان
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- في واشنطن كما في تل أبيب، نظرة موحدة نحو ساحات الاشتباك ولو اختلفت ساعات التوقيت بسبب الإمكانيات، ذلك أن واشنطن تضع أولوياتها في أوكرانيا والكيان، وتبقي وضع تايوان على نار خفيفة، كما تقول الموازنات التي أقرها الكونغرس بإجماع الحزبين الجمهوري والديمقراطي وصداق عليها الرئيس جو بايدن، وتل أبيب تضع أولوياتها لجبهتي غزة ولبنان، وتبقي وضع سورية على نار هادئة نسبيا، كما تقول وقائع الميدان، لكن لا واشنطن ولا تل أبيب تقيم فصلا بين الساحات، أو تتوهم امكانية الفوز بحرب السيطرة دون كسر شوكة الساحات المقابلة، والذين ينتفضون في المنطقة على هيمنة الكيان يدركون أن لا خيار أمامهم سوى توحيد ساحاتهم ولو بإيقاعات مدروسة ومختلفة، فإن الساحة الدولية المناوئة للهيمنة الأميركية ومركزها روسيا والصين وإيران تدرك أن عليها تنسيق مواجهتها، طالما أن وحدة السحات قدر لاخيار، وأن انتصار أميركا في واحدة من الساحات بعد إستفرادها سوف يعني الاستدارة إلى ساحة جديدة لحسمها.
- الواضح من الموازنة الأميركية الضخمة لدعم الحروب التي تخوضها أوكرانيا ويخوضها الكيان وتستعد لها تايوان، أن أمريكا باتت تدرك بأنها تواجه تحديا وجوديا يستهدف هيمنتها، وان تحدي الصعود الروسي العسكري ليس عابرا، وأن فشل أوكرانيا في الحرب ليس مؤقتا، وتدرك كذلك أن تحدي الصين الاقتصادي ليس عابرا ولا يمكن ايقافه، وان تايوان إرباك سياسي لكنه ليس عقدة يمكن لها الحؤول دون تقدم الصين اقتصاديا وقطع مسارها الصاعد، وجاء الردع الايراني الاستراتيجي قبل أيام ليقول إن إيران أنجزت مهمة بناء القدرة العسكرية اللازمة لفرض الحضور والردع، وأن كيان الإحتلال اضعف من أن يواجه الصعود الإيراني دون المشاركة الأميركية الفاعلة، وأن هذه المشاركة قد تخفف من وطأة ما يصيب الكيان لكنها لا تحميه، إذا وقعت المنازلة، ولذلك منعت واشنطن تل أبيب من الرد على إيران بما يفتح الباب لهذه المنازلة.
- تغير الوضع الاستراتيجي الدولي بعد الردع الإيراني، لأن المنطقة التي تشكل مدى حيوي للردع الإيراني هي المنطقة الأهم في العالم، حيث منابع الطاقة و خطوط إمداداتها وخيوط التجارة العالمية ومضائق المياه والممرات المائية، وإذا سقطت هذه المنطقة فإن ترددات السقوط سوف تكون مدوية على كل ساحات المواجهة، وعلى مكانة أميركا العالمية، ولذلك تغيرت النظرة الى وضع أوكرانيا وتايوان، وصار مطلوبا تعزيز قدرتهما على المشاغلة والصمود، بمثل ما سقطت التحفظات على سلوك حكومة الكيان وجيشه وما يسببه الوضع في غزة من احراج لاميركا في شارعها، وهذا وحده يفسر هذا التوحش الموحد بين الجمهوريين والديمقراطيين في مواجهة الحراك الطلابي، كما يفسر سبب التلاقي بسحر ساحر بين نواب الحزبين لإقرار هذه الحزمة المالية الضخمة وترجمتها بالسلاح والذخائر لكل من تايوان وأوكرانيا والكيان، بعدما كان الجمهوريون قد عطلوا اقرار أقل من خمس هذه الموازنة من قبل، لكن بعدما تدخلت الدولة العميقة الأميركية تغير كل شيء.
- كما في تل أبيب في واشنطن، حرب وجود لا يمكن حلها بالتنازلات، ولا عبر تقبل الهزيمة، وإذا كان كسب الحرب مستحيلا، فإن ادامتها تبقى أقل خطرا، والرهان على حرب الاستنزاف وما تخلقه من ضغوط، دون التورط بحرب كبرى تقلب المعادلات، ودون القبول بما يعني الرضوخ للهزيمة، وإذا كانت حرب الاستنزاف تطيل الانتظار، فهو أفضل من التسليم السريع بالخسارة، ويبقى السؤال من سيؤمن الدماء لصمود جبهة أوكرانيا وقد نضبت أعداد الجنود، وكم يستطيع جيش الكيان تحمل نزيف الدماء، وكل منهما يواجه قوى وجيوش مستعدة لبذل الدماء، وهل يحقق شراء الوقت فتح الطريق لخيارات جديدة؟
2024-04-25 | عدد القراءات 90