طلاب اميركا وغزة يسقطان نظريات الفلاسفة
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- إذا ما نظرنا الى موازين المقارنة بالأحجام والمقدرات، لما يمثله طلاب أميركا وفي طليعتهم طلاب جامعة جورجيا مع سكان غزة من جهة، وبالمقابل كل حكومات الغرب وجيوشها المدججة بكل أنواع السلاح ومصارفها المتخمة بالأموال ومؤسساتها الإعلامية العملاقة التي تروج للأكاذيب، ومعها كل ما يملكه كيان الاحتلال والحركة الصهيونية من خلفه، من جهة موازية، فسوف لا نحتاج للتفكير للقول إن الأقلية الضعيفة العزلاء من كل عناصر القوة، لا تمثل تحديا لحشد العمالقة وبين أيديهم كل أسباب القوة.
- لكن الحقيقة هي أن حربا حقيقية تشنها هذه الأغلبية الكاسحة بإمكانياتها العملاقة، لإسكات صوت وصدى هذه الأقلية العزلاء منذ شهور دون جدوى، وإذا كان ضروريا الإنتباه إلى أن ما أتاح بقاء هذا الصوت الصارخ حاضرا هو أن المقاومة في غزة تؤازرها مقاومات جبهات الإسناد، لم تهزم ولم تستسلم، فتوافرت شروط إدامة الصراع المفتوح دون أن يحقق الاحتلال ومن ورائه الغرب نصرا مفترضا، فتقف الحرب، لكن بفعل هذا الصمود المقاوم بقي المشهد حاضرا وبقيت تداعياته تتفاعل.
- في هذه المواجهة الدائرة على الضمير الإنساني الجمعي كل يوم يسجل تحالف غزة وطلاب أميركا نصرا جديدا، ويلحق بتحالف الغرب وحكوماته وجيوشه ومصارفه ومؤسساته الإعلامية هزيمة قاسية، وفي قلب هذه المواجهة لا بد أن نلحظ الأساس الذي تدور عليه الحرب الثقافية حول مفاهيم ليست مطروحة على بساط البحث اليوم لكنها تشكل في عمق التفكير الخلفية التي تشكل أصل المشهد الثقافي.
- حلف غزة وطلاب أميركا حلف مبادئ وأخلاق وليس حلف مصالح، وحلف بذل التضحيات لأجل المبادئ والأخلاق، وفي قلب المبادئ والأخلاق قضية الحق لا قضية القوة، ولذلك لم يستغرق طلاب أميركا وقتا ليكتشفوا أن تضامنهم مع غزة هو إعلان انحياز لحق فلسطين بالحرية من بحرها الى نهرها، وهذا يمثل مصدر فخر عظيم لطلاب أميركا ونصر عظيم لغزة وفلسطين، ولكنه يمثل مصدر ذعر عظيم للغرب وكيان الاحتلال.
- حلف غزة وطلاب أميركا يخوض معركة خفية تحت عنوان ثقافي يسقط الأساس الفلسفي الذي نهضت عليه حروب العولمة المتوحشة التي تشكل الحرب على غزة آخر تجلياتها وتتويج مساراتها، وهذا الأساس الفلسفي هو الذي صاغه فرانسيس فوكوياما تحت عنوان نهاية التاريخ مع سيادة النموذج الأميركي على العالم، وأكمله صموئيل هنتغتون بمعادلة صدام الحضارات، فاتحا المجال لمحاولة المتخلفين حضاريا اعاقة مسار نهاية التاريخ الذي يكتبه حملة راية الحضارة الحديثة، فجاء حلف غزة وطلاب أميركا ليقول إن ما يمثله هذا التحالف بين غزة وطلاب أميركا علامة تكامل الحضارات لا تصادمها، وان الشعوب عبر تثبت أهليتها لكتابة تاريخ جديد، لأن التاريخ يتجد بلا توقف ولا نهاية له.
- في جوهر الصراع الثقافي والفلسفي الذي فجره طوفان الأقصى رد الاعتبار للأخلاق كمكون رئيسي للمشهد السياسي، والأخلاق هي الرباط المتين بين غزة وطلاب أميركا، كما رد الاعتبار للشعوب بصفتها من يصنع التاريخ، سواء عبر الطوفان، او ما تلاه من صمود ملحمي أسطوري، أو عبر ما نتج عنه من حراك شعبي وطلابي عبر العالم، كما رد الاعتبار لمفهوم الأخوة الإنسانية الذي قام مفهوم صدام الحضارات على نفيه، مستخلصا نظرية ما بيشبهونا التي نسمع بعض أصدائها هنا في لبنان، بينما يصرخ أبناء نخبة النخبة في نخبة جامعات الغرب، يقولون عن أفعال حكوماتهم وجيوشهم واعلامهم، يشبهنا أهل فلسطين وغزة أكثر من هؤلاء الوحوش.
2024-04-30 | عدد القراءات 132