الطوفان الثاني والخداع الاستراتيجي الجديد
التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل
- كان المزاج الحاكم للشارع العربي والشارع الغربي، بما في ذلك الكثيرين من مؤيدي المقاومة وكثير من المتعاطفين في العام مع القضية الفلسطينية، في مراقبة مسار التفاوض الذي تخوضه المقاومة للوصول إلى اتفاق حول الحرب في غزة، يميل إلى الدعوة لتسهيل التوصل إلى اتفاق، ولو بخفض سقف شروط المقاومة، وذلك شعورا بحجم وحشية الاحتلال وحجم ما يتحمله سكان غزة وأطفالها ونسائها من عذابات وتضحيات، وخشية من أن يكون هذا الإصرار لدى حكومة الاحتلال على عملية رفح والسعي الغربي لثنيه عنها تعبيرا عن تحول نوعي في الموازين ضد المقاومة إذا تمت العملية.
- خاضت المقاومة التفاوض وهي تتمسك بشروطها وثوابتها، لكن بمرونة في التفاصيل وتجزئة التنفيذ ومراحل التنفيذ، مع الحفاظ على ثابتة رئيسية هي ربط إنهاء ملف الأسرى بإنهاء الحرب والحصار والاحتلال في غزة، وهذا ما قاله النص الذي وافقت عليه، بعدما وصل الوسطاء وفي طليعتهم الأميركي، قبل أن يتنصل من مسؤوليته كوسيط، الى القناعة باستحالة التوصل لاتفاق لا يأخذ ثابتة المقاومة في حسابه، لكن المقاومة خاضت التفاوض وهي تسعى للتوصل الى حل يخفف المعاناة عن شعبها، لكنه في حال الفشل يزودها بمزيد من ثقة شعبها، ومزيد من التفوق الأخلاقي أمام الخارج كله من وسطاء ومراقبين، لتذهب الى اظهار بأسها، وتثبت أن مرونتها لم تكن ضعفا، وأن سعيها التفاوضي لم يكن عجزا، وأن تباهي الاحتلال بنوايا الحرب وتعنته برفض الاتفاق ليس تعبيرا عن قوة حقيقية، ولا دليل تفوقه في الميدان.
- تحررت المقاومة من عبء إظهار المرونة، والتعبير عن الشعور بالمسؤولية الأخلاقية تجاه تضحيات شعبها، ومسؤوليتها في مقاربة قضية إنهاء الحرب، واختار الاحتلال الاحتكام للميدان، وقامت المقاومة بملاقاته إلى الميدان، وها هو الميدان يقول في أيام ما لم يقله خلال شهور، وتبدو المقاومة بأضعاف القوة التي بدت عليها في شهور الحرب، والمقاومة اليوم تظهر بأسها ومهارتها وجسارتها وكفاءتها وقدرتها، والاحتلال ينزف ويهرب ويتلوى ويعجز عن الثبات كما قال حي الزيتون.
- هو الطوفان الثاني، والخداع الاستراتيجي الجديد.
2024-05-16 | عدد القراءات 132