نقاط ع الحروف 28/5/2024

قرار محكمة لاهاي ومجزرة رفح

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- حدثان كبيران مرتبطان عضويا ببعضهما، الحدث الأول هو القرار الصادر عن محكمة العدل الدولية في لاهاي من ضمن اجراءات دعوى اتهام جنوب افريقيا لكيان الاحتلال بجرائم ابادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة، والقرار بدعو كيان الاحتلال لوقف كل العمليات الحربية في منطقة رفح باعتبارها تهديدا مباشرا لحياة النازحين المدنيين في المنطقة، أما الحدث الثاني فهو المجزرة المبرمجة التي نفذتها قوات الاحتلال على خيم النازحين المدنيين عبر غارات جوية بقذائف أميركية فوسفورية تشعل النيران، ماتسبب بقتل أكثر من اربعين حرقا وهم أحياء، أغلبهم من النساء والأطفال.

- الكلام الإسرائيلي والتعليق الأميركي على المجزرة يبدو متطابقا، ويعكس الموقف الموحد الرافض لقرار المحكمة الدولية بوقف العمليات الحربية في منطقة رفح، وهو ما رفضته اسرائيل علنا وبقوة واعتبرته مشينا، وصمتت واشنطن دون تعليق عليه، لكن الموقف من مجزرة رفح أكد التطابق في الموقفين الأميركي والإسرائيلي من قرار المحكمة، بل أشار إلى أن المجزرة كانت منسقة على الأرجح كرد عملي على قرار المحكمة، باستهداف مناطق النازحين المدنيين الذين بررت المحكمة قرارها بالسعي لحمايتهم.

- استخدمت واشنطن وتل أبيب اوصافا متقاربة للمجزرة ومنسقة على الأرجح، فالمجزرة حسب بنيامين نتنياهو حادث مأساوي، يجري فيه التحقيق، وحسب بيان جيش الاحتلال نتاج عدم القيام بحسابات دقيقة خلال ملاحقة قادة لحركة حماس، أما البيان الأميركي فيتحدث عن المجزرة بصفتها صورا صادمة، تستدعي اتخاذ جميع الاحتياطات لحماية المدنيين، وقال المتحدث بلسان مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، «إسرائيل لها حق في ملاحقة (حماس)، ونتفهم أن هذه الغارة أدت إلى مقتل إرهابيين كبار في (حماس) كانا مسؤولين عن هجمات على مدنيين إسرائيليين».وأضاف «لكننا كنا واضحين في ضرورة أن تتخذ إسرائيل كل الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين» وتابع «نتواصل بصورة فعالة مع جيش الدفاع الإسرائيلي وشركاء على الأرض لتقييم ما حدث، ونتفهم أن جيش الدفاع الإسرائيلي يجري تحقيقا».

- الموقف الأميركي الاسرائيلي المشترك، هو ان العمليات الحربية في رفح لن تتوقف وليس مقبولا طلب وقفها، وان المدنيين سوف يقتلون، لكن مطلوب حذر أكبر، وأن اسرائيل تقوم بأعمال مشروعة ترافقها أعراض جانبية يجب أخذ الاحتياطات لتخفيضها إذا كان تفاديها مستحيلا، وهذا التطابق العملياتي والسياسي الأميركي الإسرائيلي، حرب استباقية ضد أي محاولة لعرض مشروع قرار على مجلس الأمن لبحث تنفيذ قرار المحكمة، فالكلام الأميركي حول مجزرة وقعت فعلا، بغارات جوية قالت المحكمة إنه يجب وقفها، يقول ان العمليات لا يجب ولا يمكن وقفها، وأنها مشروعة، وأن المطلوب مزيد من الاحتياطات التي ترافق العمليات الحربية والمطلوب مزيد التحقيقات التي تليها.

- أمامنا صورة تقول انه لو انقلب الشارع الغربي كله إلى جانب فلسطين، وترتب على ذلك تبدل في مواقف الحكومات والنخب، بمن في ذلك النخب القانونية التي تشرف على المحاكم الدولية، ولو شارك الشارع الأميركي في هذا التحول، فإن النخبة الأميركية الحاكمة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ومهما كانت نتائج الانتخابات الرئاسية مصممة على توفير الدعم اللامحدود والحماية الكاملة لجيش الاحتلال لمواصلة جرائم الابادة بحق الشعب الفلسطيني، وهي تعرف توصيفها كجرائم ولكنها لا تأبه لما يرتبه ذلك من خسائر معنوية، طالما أن المصالح الأميركية في البلاد العربية ليست معرضة للخطر، وطالما الحكومات العربية تتصرف بحيادية كاملة تجاه هذه الجرائم، وطالما أن جيش الاحتلال قادر على مواصلة الحرب من جهة، والأغلبية في الكنيست تدعم حكومة الحرب من جهة مقابلة.

- اثنتان من ثلاثة ليس بيد المقاومة في فلسطين والمنطقة القدرة على تغييرها، مواقف الحكومات العربية، والأغلبية في الكنيست، لكن الثالثة بيد قوى المقاومة وقابلة للتغيير، وهي قدرة جيش الاحتلال على مواصلة القتال، ولذلك تجد قوى المقاومة أن لا خيار أمامها سوى تخفيض درجة الاهتمام بما يجري الحديث عنه من مسار تفاوضي، طالما أن الترويج مرفق بالدماء والمجازر والجرائم، وتركيز الجهود على الميدان حتى ينزف جيش الاحتلال أكثر ويصرخ بصوت عال، و يسمع صراخه في الكنيست وواشنطن، فيبادر احدهما الى التصرف.

 

2024-05-28 | عدد القراءات 99