نقاط ع الحروف 30/5/2024

الحرب مع أميركا …ولم يعد هناك إلا المقاومة!

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- الجادون في البحث عن سبل رفع الاحتلال وتحرير الأرض لا يحتاجون إلى إثبات بأن المقاومة، و المقاومة المسلحة على وجه الخصوص هي الطريق الوحيد لذلك، لكن حتى هؤلاء تفاءلوا مع التحول الكبير في الشارع الغربي لصالح القضية الفلسطينية، وانزياح كتل كبيرة وأساسية من الرأي العام الغربي من معسكر دعم كيان الاحتلال الى توصيفه الكيان المجرم، وصولا الى الانقلاب على حكومات بلادها، سواء في دول أوروبا او حتى في أميركا، وارتفع منسوب الآمال بأن تؤدي هذه التحولات، وقد رافقها عودة بعض الحياة ولو بحياء الى المحاكم الدولية بصورة مخالفة لسابق عهدها وانحيازها لكيان الاحتلال، وتهربها من مساءلته، فصدرت قرارات وطلب إصدار مذكرات توقيف، وكان الأمل أكبر بأن تنعكس على مواقف الحكومات التي كانت تقف وراء الكيان تبرر جرائمه وتتداول رواياته الكاذبة، وقد بدأت مثل هذه التحولات تظهر عبر اعتراف عدد من الدول الأوروبية بدولة فلسطين بصورة كان واضحا أنها تتحدى حكومة كيان الاحتلال، فزاد التفاؤل و ارتفع منسوبه، بأن ينعكس ذلك على الموقف الأميركي حرجا خصوصا في موسم الانتخابات الرئاسية، وأن يترتب على كل ذلك محاصرة حكومة كيان الاحتلال التي تواجه وضعا داخليا يزداد صعوبة، وجيشا يتهالك في الميدان، ولا تحتمل القدرة على مواجهة كل ذلك بالعناد والمضي قدما في مواصلة الحرب غير آبهة بكل ما يجري من حولها.

- الذي جرى عمليا هو أن التغييرات وقفت عند حدود واشنطن، التي أكدت أنها رغم الانتخابات ورغم التغييرات في الرأي العام الأميركي، ماضية في تقديم الدعم والتغطية لحكومة الكيان، كما هي ماضية بتقديم السلاح والمال لمواصلة الحرب، وان الجرائم عندها مجرد أخطاء جانبية في سياق تحركات مشروعة، كما كان التعليق على مجزرة رفح التي أحرق خلالها الأطفال والنساء في الخيام حتى استشهد منهم أكثر من أربعين، بل ان واشنطن عطلت إصدار مذكرات التوقيف التي طلبها مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير حربه يوآف غالانت، رغم تقديمه طلبا مشابها بمذكرات توقيف بحق قادة المقاومة، فتم تهديد القضاة بالعقوبات لمنع صدور المذكرات، ولم تتردد واشنطن بالإعلان عن الاستعداد لاستخدام الفيتو لمنع صدور قرار تنفيذي عن مجلس الأمن الدولي لدعم قرار محكمة العدل الدولية، بإلزام جيش الاحتلال وقف أعماله الحربية في غزة بصفتها جزءا من جرائم الإبادة الجماعية، واعلنت واشنطن أنها لن تستخدم تزويد الكيان بالسلاح للضغط على حكومة نتنياهو لوقف الحرب.

- كان يكفي نتنياهو الاستناد إلى موقف واشنطن وحدها حتى يقرر المضي بالحرب وما يتخللها من عروض إجرامية يومية، وهو لا يقيم حسابا لأحد أو لشيء، فلا قيمة لتهديدات أعضاء مجلس الحرب بالانسحاب، ولا لتظاهرات عائلات الأسرى والمعارضة، ولا لصراخ رجال الأعمال من تراجع الاقتصاد، كما لا أهمية للاشتباك مع الجيش المصري وقتل جنوده، ولا للتردد السعودي في مسار التطبيع، ولا لتراجع أداء الجيش، طالما ان واشنطن قادرة على تعويض كل شيء، وتقديم الدعم في كل اتجاه، وترتيب كل مسار متعثر، لكن نتنياهو أمامه ثلاثة عقد لا تملك واشنطن حلها، الأولى اعادة الأسرى وإعادة مهجري الشمال، والثانية تقديم الدم بدلا من جنود وضباط جيش الاحتلال، والثالثة ضمان تراجع المقاومة عن شروطها.

- لذلك تبدو الخلاصة الوحيدة هي أن الطريق لوقف الحرب، صار بثبات المقاومة على شروطها، ومواصلة الضغط بملفي الأسرى والمهجرين، والأهم رفع منسوب النزيف في جيش الاحتلال حتى يصرخ ويصبح عاجزا عن مواصلة القتال، فلا صوت عربي سوف يرتفع مهما زاد إجرام الكيان واستهدف مهابة الحكومات العربية، ولا شارع عالمي سوف يفرض التغيير في سياسات الكيان، ولا قرارات مؤسسات قضائية وحكومات، ولا تظاهرات الداخل في الكيان، وانقسامات السياسة، فقط نزيف الجيش حتى عتبة الانهيار، ومرة أخرى ليس لنا الا المقاومة لخوض الحرب، و لوقف الحرب ايضا.

 

2024-05-30 | عدد القراءات 82