محمد صلاح … الجندي المصري البطل بالفطرة ، والمقاتل بشراسة بالفطرة ، والذكي اللمّاح بالفطرة ، والإيثاري بالفطرة ، والمضحّي في سبيل الخير بالفطرة ، والباذل للدم حتى الشهادة أيضاً بالفطرة … ثم محمد صلاح الآخر ، والذي آثر الحياة الدنيا ونعمها على حساب الحق والحقيقة … وأعطى عيناً عمياء ، وأذناً صماء ، وفماً أبكم ، ولساناً معقود إزاء شلالات الدم ، والأجداث المتقطّعة في غزة … نحن في زمن الفلق العظيم ، حيث فلق طوفان الاقصى الناس بصرامة وبحدّة ومن دون منطقة رمادية ، فإمّا مع ، وإمّا ضد ، إمّا مع الحق والحقيقة ، ومع المستضعفين والمذبوحين والمنتهكة ديارهم ، والمسروقة أوطانهم ، وإمّا مع القتلة المجرمين ، الفاقدين لأي نزعة للخير والأخلاق ، والمتكدّسين المكتنزين بأشياء الدنيا وأماتع الحياة … لقد أصابت ضربة الفلق الطوفانية كل الناس في شرق الأرض وغربها ، وفي شمال الأرض وجنوبها … ولم يبق في المتّسع أي مجال للبين بين ، والإرهاصات القلقة … أسماء متشابهة ، وأشكال متناظرةً تحتفظ في أحشائها بخبيئة لا تستفزّ الى الخارج إلّا بطوفان كطوفان الأقصى … فيتدفق إلى السطح الغث والسمين ، والصالح والطالح ، والباذل والقابض ، والمعطي والآخذ … ويصطفّ كل بصفّه ، فيندفع محمد صلاح ، إبن البلد الأصيل ، التوّاق إلى رفع المظالم عن أشقاء له عبر الحدود المصطنعة ، ولا ينكفئ حتى يثخن في العدو ولا يبالي ، ويندفع عميقاً ليدمي مزيداً من العدو حتى يرتقي شهيدًا معظّماً مكرّماً مبجّلاً عند الله وأحباب الله … ومحمد صلاح الآخر ، العابث في جزيرة الشيطان ، يتقاذف الكرة يميناً وشمالاً ببراعة ، ويكدّس الأخضر في جيوبه نتيجةً لذلك ، فينسيه ذلك الأخضر الحقيقة والفضيلة والنخوة والانتماء والقربى ، وقبل هذا وذاك … الانتصار للمعتدى عليهم ، خاصةً إذا كانوا أشقاء أخوة عبر الحدود… تقطّع أوصالهم بلا رحمة … من قبل عدو الله والناس والحقيقة .
سميح التايه
2024-06-02 | عدد القراءات 107