نقاط ع الحروف 14/6/2024

ما هي الضربة التي تجلب الكيان إلى الحرب؟

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- إذا وضعنا جانبا التحليلات الصادرة عن لبنانيين وعرب منخرطين في ماكينة التهوين والترويج للحرب النفسية، ينتمون إلى معسكر معلوم له قنواته التلفزيونية ومواقعه الالكترونية وصحافته الصفراء وأمواله ومصدرها، وباتت أسماء أعضاء النادي مصدر اشمئزاز لكثرة الأكاذيب التي يدمنون على ترويجها بوقاحة ورغم سقوطها مثل مواعيد الحرب المفترضة التي حدودها مرار ولم يرف لهم جفن بالعودة لتحديد غيرها، ومن يستمع إليهم يتحدثون لا يحتاج لأكثر من دقيقة حتى يكتشف أنهم مجرد مرتزقة بأسعار محددة، يحملون كمية من الحقد على المقاومة او يجيدون ادعاءه طلبا لرضا السيد الممول، ولذلك فقدوا كل مصداقية، وتكفي نظرة الى تغريداتهم ورؤية حجم ونوع التعليقات المهينة بحقهم، وهم يفرحون بالرقم، حيث لم يعد يهمهم شيء الا الأرقام.

- اذا فعلنا ذلك وتجاهلنا هؤلاء، سوف نتعرف بسرعة الى حقيقة مهمة، هي أن خطاب الحرب لم يعد إسرائيليا، وقد استبدل قادة الكيان الخطاب المتعجرف العالي السقف عن حرب تدمر لبنان وعن سحق المقاومة، وعن اعادة لبنان الى العصر الحجري، بخطاب آخر يقول أنهم سوف يردون على عمليات المقاومة، وأنهم لن يتراجعوا ولن يتقبلوا أن تسيطر المقاومة من جنوب لبنان على الحياة والأمن والأجواء في شمال فلسطين المحتلة، وهذا كلام مختلف عن الحرب، لأن الرد متوقع وطبيعي ولا أحد كان يتوقع أن الاحتلال قد نضج للتسليم بهزيمته وفشل حربه، وبات جاهزا لسلوك الطريق الذي صممت له من أجل أن يسلكها، وهي الطريق الذي بات الأميركي يتحدث عنها بوضوح وقوة، كلما علق على الوضع على الحدود بين جنوب لبنان وشمال فلسطين، بالقول إن اتفاقا لوقف النار والحرب في غزة سيتكفل بتهدئة جبهة جنوب لبنان، ، وطالما أن الكيان يمانع سلوك هذه الطريق فالحرب مستمرة، ولكن على قاعدة الرد والرد على الرد، دون الذهاب الى الحرب الكبرى والشاملة.

- كان السؤال قبل الأيام القليلة الماضية، عن نوع المدخل الذي سوف يتخذه جيش الاحتلال سببا للحرب الكبرى، حتى جاء اغتيال القيادي في المقاومة أبو طالب، وبدأ الرد على الإغتيال، ليقول أولا أن المقاومة تشعر بالخسارة لفقد قادتها، لكن الرد يقول ان رحيلهم لم يؤثر في قدراتها، وها هو الرد على اغتيال أبو طالب، يقول انه رد ابوطالب لو كان القيادي الذي تم اغتياله سواه، وإذا كان الاحتلال قد تسبب للمقاومة بالخسارة لكنه لم يستفد شيئا لناحية تغيير قدرات المقاومة، وهو الأمر الذي يقرر مصير الحرب، وليست آلام فقد الأحبة، وصار الواضح أن المقاومة اتخذت من الاغتيال مناسبة بإلحاق الأذى بقدرات الاحتلال، وتظهير سلامة قدراتها، وأمام حجم الرد وقد مثلت الطاقة النارية التي ظهرت خلاله نسبة تقارب 20% من مجموع ما أطلقته المقاومة خلال ثمانية شهور، لأن قرابة 400 مقذوف ناري متفجر بين صاروخ ثقيل وموجه و مضاد للدروع و طائرة مسيرة قد تم إطلاقها مقابل 2000 رأس ناري متفجر أطلقت خلال الشهور الثمانية من الحرب، لكن كل ذلك، وقد اشتعل الشمال كله، لم يشكل مدخلا للحرب الكبرى، فما هو المدخل المناسب إذن؟

- الأكيد أن الكيان لا يستطيع الذهاب الى الحرب الكبرى، وقد تفاداها لهذا السبب في اليوم الثالث لحرب غزة، فكيف به يذهب إليها بعد ثمانية شهور تغيرت فيها كل المعطيات لغير صالحه، جيشه تهالك وذخائره تنفد وألويته وكتائبه تفقد الكثير من قدراتها وروحها القتالية، ولا مجال لخوض هذه الحرب دون سحب الوحدات الأساسية من غزة وخسارتها بالتالي أمام المقاومة، والأميركي الذي لم يعد بقدرة الكيان خوض هذه الحرب بدونه يراها مخاطرة كبرى ويرى شراكته فيها تهديدا لكل قواعده وقواته ومصالحه في دائرة شعاعها أكثر من ألفي كلم، هو مدى صواريخ المقاومة بالقياس على ما لدى اليمن، ويفترض أن مثله متوافر في ترسانة المقاومة، فلا قواعد ولا أساطيل ولا حاملات طائرات في قطر والبحرين ودول الخليج ومياهه، وبالتأكيد لا في العراق ولا في سورية ولا في تركيا واليونان وسواها ولا في كل البحر المتوسط.

- ارتفع السقف الذي يمكن لكيان الاحتلال الحديث فيه عن الحرب الكبرى، الى استهداف عمقه السكاني والاقتصادي والحيوي، اي ان تذهب المقاومة إلى الحرب الكبرى، ويكون في موقع دفاعي، وهذه هي نظرية المقاومة اصلا، انها لن تذهب الى الحرب الكبرى إلا دفاعا عندما يبدأ الاحتلال بهذه الحرب، وبمثل ما تقول المقاومة ان لا شيء اسمه الانزلاق الى الحرب وأن وقوعها بمبادرة من الاحتلال يعني انه قرر الذهاب اليها، يبدو ان الاحتلال اليوم قد عدل عن إطلاق العنتريات والعصر الحجري وإشعال بيروت، وارتضى معادلة المقاومة، من لا يريد الحرب الكبرى يعرف كيف لا ينزلق إليها، لأنه توجد دائما ردود في الميدان على الردود دون الذهاب الى الحرب الكبرى.

- نتنياهو كسياسي محترف بات يعلم أن قرار الحرب على لبنان هو ما سوف يمثل نهايته المأساوية السريعة، وهو ما سوف يفرض عليه وقفا بلا شروط للحرب على غزة، ثم التفاوض على تبادل الأسرى دون حرب، لذلك يفضل أن لا يتحدث عن حرب على لبنان و يواصل حربه على غزة، بينما تثق المقاومة في لبنان انها تدير ميدان عمليات سوف يتكفل بإلزام نتنياهو بالذهاب الى اتفاق يلبي شروط المقاومة في غزة.

 

2024-06-14 | عدد القراءات 176