نقاط ع الحروف 21/6/2024

ماذا عن قرار حرب اتخذ تدعمه اميركا؟

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- لا تزال تتدفق التقارير الاعلامية من مؤسسات اميركية وغربية وعربية، بما يبدو حملة منظمة تقول ان الحرب الاسرائيلية على لبنان آتية حكما، وأن واشنطن متأكدة من ذلك، بل أن اميركا ستقف مع "إسرائيل" في هذه الحرب، وأمس انخرطت مؤسسات اعلامية ضخمة في الحملة الترويجية للحرب من عيار السي ان ان، ويروج لهذه الحملة ويستقوي بها كل الذين يحملون لقب محلل سياسي للظهور على قنوات تلفزيونية مناوئة للمقاومة للترويج للحرب، ولعل كثرة الحديث عن الحرب واتساع الحديث عن تأييد أميركي لها سبب كاف للاستنتاج انها مجرد حرب نفسية، إذ كيف يعقل ان تقول الخارجية الأميركية قبل يومين ان توسيع نطاق الحرب مع لبنان مصدر خطر على أمن ومستقبل اسرائيل، وتدعو الى التركيز على وقف إطلاق النار في غزة كطريق لتهدئة جبهة لبنان، ثم تنقل السي ان ان عن مسؤولين أميركيين كلاما مفاده أن واشنطن متأكدة من أن قرار الحرب قد اتخذ وان واشنطن سوف تكون الى جانب اسرائيل في هذه الحرب؟

- حرب إسرائيلية على لبنان تعني وفقا للخبراء في كيان الاحتلال، استهداف العمق اللبناني ومؤسساته الحيوية، بما في ذلك العاصمة بيروت كاحتمال وارد، بالقصف الجوي والبحري والبري حيث يمكن، ويعني توغلا بريا عبر الحدود سعيا لبلوغ الليطاني، وهذا العدوان الواسع سوف يستدرج ردودا قاسية من المقاومة، لا يستطيع جيش الاحتلال منع حدوثها، مثل تساقط الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيرة على منشآت حيوية في عمق الكيان، وحاصل هذا التبادل للنيران سيلحق ضررا كبيرا بالمنشآت والبنى الخدماتية على طرفي الحدود، وهنا يصير السؤال الفعلي هو من يملك القدرة على التحمل أكثر، وهل يملك الكيان قدرة التأقلم السريع مع الخسائر المترتبة على انقطاع الكهرباء لأسابيع مثلا، واقفال المطارات وتعطل القطارات ومياه التحلية، بينما لبنان لم يعد معتمدا على الكهرباء النظامية منذ سنوات، ولا قطارات فيه، وقد اعتاد على التعامل مع اقفال المطار والميناء واعتماد مطار عمان بالذهاب برا عبر دمشق، واللبنانيون الذين يضطرون لمغادرة مناطقهم أمامهم عمق جغرافي لا ينتهي عند دمشق، بينما يفتقد الكيان إلى أي عمق جغرافي وقد اقفلت مطاراته وموانئه، والجبهة الداخلية في الكيان تقول انه لايتحمل انقطاع الكهرباء ثلاثة أيام وهو لم يستعد لمثل هذا الاحتمال.

- الحرب تعني منافسة برية بين قوتين، قوة جيش الاحتلال المنهكة في حرب غزة، والتي فقدت الويتها وكتائبها الكثير من قوامها و أنهكها التعب والسهر والتنقل و أثخنتها الجراح وقد خسرت الكثير من آلياتها وعديدها، وعليها كي تخوض حربها مع لبنان، الانسحاب من غزة وتقبل الفشل هناك، وترك الجغرافيا للمقاومة تستعيد السيطرة على أغلب المناطق، وبالمقابل قوة المقاومة التي تملك فائضا في العديد المدرب والجهز والمنظم والذي ينتظر فرصة المنازلة البرية، ليس في سياق الدفاع عن لبنان وجغرافيته كما في حرب تموز 2006 فقط، بل لاختراق خط الحدود من عدة نقاط محتملة حساسة، في الساحل الغربي للجليل، وفي اصبع الجليل، وفي منطقة الجولان، ولدى قوة المقاومة البرية كما تقول مواجهة 2006 في ظروف أقل جاهزية من اليوم، ان جيش الاحتلال سوف يخسر دباباته وجنوده ويفشل في تحقيق اي تقدم، بينما سوف يكون أمام المقاومة فرص حقيقية لإحداث اختراقات حقيقية في عمق الجغرافيا الفلسطينية، حيث عشرات آلاف المقاتلين المدربين والمجهزين، وبنك أهداف شامل وواضح، وقد افرغت المستوطنات من السكان خلال حرب الاستنزاف وتم تدمير اجهزة الاستعلام والدفاعات الولى على طول خط الحدود وما بعده، ما يعني اضافة لفشل جيش الاحتلال في تحقيق اي نجاح، تدمير ما لم تدجمره حرب غزة من ألوية ونخب مقاتلة في جيش الاحتلال، وانتقال املواجهة الى داخل الجغرافيا الفلسطينية، وتحرير مناطق محتلة مثل مزارع شبعا اللبنانية والجولان السوري.

- فرضية الدخول الأميركي على خط الحرب مغرية للتفكير، لأنها تعني انضمام جيش ثقيل البنية والقدرة النارية الى الحرب، لكن مع جعل كل نقاط تموضعه في منطقة شعاعها 2000 كلم أهداف مباشرة لصواريخ المقاومة، حيث حاملات الطائرات في البحر المتوسط والخليج والأسطول الخامس في البحرين، والمدمرات في البحر الأحمر، والقواعد في دول الخليج وتركيا، سوف تصبح كلها أهداف لنيران المقاومة ومعها قبل كل شيء قواعد القوات الأميركية في سورية والعراق التي سوف تسقط ويتحول الجنود فيها الى اسرى، واحتمالات مشاركة إيران في هذه الحرب تصبح أكبر، بينما احتمالات انضمام قوى محور المقاومة في اليمن والعراق مؤكدة، وإذا كانت أميركا التي انسحبت من أفغانستان تقول إن حربها هناك فشلت، فهل تغامر بحرب تواجه خلالها قوة تعادل أضعاف قوة من هزمت على أيديهم في أفغانستان، وفي حرب تقول عنها هي أنها خيار خاطئ؟

- الذين يقولون إن ما يفصلنا عن هذه الحرب أيام لا يتقبلون نقاشا فيما يعتقدونه معلومات مؤكدة، لذلك لا جدوى من مناقشتهم بالاحتمالات، لذلك يبدو الأفضل مجاراة الموجة والقول بأن الحرب قادمة، لكن المقاومة سوف تربحها، ومثلما ربحت منازلة الشهور التسعة بالنقاط، سوف تربح الجولة القادمة بالضربة القاضية، ويبقى المهم أن نعتمد على هؤلاء ليكون خيار الحرب جديا، كي لا يحبطهم ظهور أنهم كانوا ضحايا تمنياتهم النابعة من الحقد على المقاومة فقط، فيحاولون ربح الحرب النفسية طالما أن ربح الحرب الحقيقية فوق طاقتهم وطاقة الحصان الأعرج الذي يسرجون عليه احلامهم لسباق العصر مع خيل أصيلة مدربة.

 

2024-06-21 | عدد القراءات 89