التعليق السياسي 28/6/2024

 

قد يصعب على البعض تصديق أن سياسات دولة عالمية كبرى كأميركا تعتمد كثيراً خلال الأزمات على إطلاق الأكاذيب، من جهة لتغطية الجرائم الكبرى التي تشهدها هذه الأزمات، ومن جهة مقابلة رهان على تمرير الوقت لحين انكشاف سقوط هذه الأكاذيب.

حكاية الرصيف الأميركي البحري العائم قبالة غزة، وسلسلة توريد المساعدات عبر قبرص واحدة من هذه الأكاذيب. ولا مشكلة أن تكون كلفة هذه الكذبة ثلاثمئة مليون دولار، ربما تكون دفعتها أصلاً دولة عربية، ويكون نصفها عمولات ورشاوى وفساداً، كما كشفت فضائح الأموال المخصصة لشراء الاسلحة المرسلة الى أوكرانيا.

جاء الإعلان عن الرصيف للتغطية على إغلاق المعابر من جانب كيان الاحتلال، ضمن خطة تجويع غزة. وكانت المساهمة الأميركية في خطة الحصار هي كذبة النزالات الجوية للمساعدات ولاحقاً الرصيف البحري، وقد ثبت أن حجم ما تم توريده عبر هذين الطريقين كان عملياً صفراً بالقياس لحاجات غزة، وكانت كلفته عشرات الضحايا، وقدّم الغطاء للحصار على أفضل وجه، قبل أن تجرف الأمواج هذا الرصيف وتظهر أنه مجرد كذبة، وأن بناءه لم يخضع للدراسات اللازمة، لسببين فقط، الأول لتقاسم الرشاوى والعمولات، والثاني لأنه كذبة.

السؤال هو أين أصبحت الخطط الواعدة الكبرى التي تمّ ربطها بإنشاء هذا الرصيف؟ والجواب هو انتهت المهمة، لقد توزّع السماسرة حصصهم، وتمّت التغطية على إقفال المعابر، وأدّت أميركا نصيبها من خطة الحصار والتجويع على غزة.

مثل الكذب الأميركي الكذب الإسرائيلي سياسة ومنهجية، فقد مللنا سماع البيانات العسكرية الإسرائيلية عن خسائر لا تذكر في صفوف جيش الاحتلال على جبهة المواجهة مع المقاومة في لبنان، والناس تتساءل عما يجري مع ما تراه من مشاهد موثقة تصوّر الانفجارات والحرائق وهي تندلع في مواقع يظهر تصويرها لحظة استهدافها وجود جنود وضباط فيها يستحيل خروجهم أحياء بعد إصابتها.

الأرقام الإسرائيلية عن نتائج عمليات المقاومة لا تعترف بعشرين قتيلاً في صفوف الجنود والمستوطنين معاً، وفجأة تحتاج قيادة الكيان إلى منافسة الفلسطينيين في جذب التعاطف، خلال مناقشات مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، في جنيف، فتتحدّث مندوبة الكيان عن 150 قتيلاً من المستوطنين، وليس بينهم عسكريون، كما قالت، من أصل خمسة عشر ألف جريح، وآلاف الدونمات المحترقة ومئات آلاف المهجرين، ولا حاجة للتحليل، عمّا قد يكون الرقم النهائي للقتلى بين الجنود والمستوطنين معاً والرقم الفعلي للمهجرين والرقم النهائي للجرحى؟

يكفي أن يفهم الببغاوات العرب الذين يردّدون الكلام الإسرائيلي عن أرقام تافهة لخسائر الكيان، للتهوين من حجم أثر جبهة المقاومة اللبنانية، أنهم يردّدون أكاذيب تنفيها تصريحات رسمية لمسؤولين في الكيان يؤكدون حجم الأذى الذي أصاب كيانهم بفعل ما تقوم به المقاومة من جبهة لبنان.

 

التعليق السياسي

2024-06-28 | عدد القراءات 69