واشنطن تتخذ اتفاق غزة رهينة لضمان بقاء احتلالها في سورية ونتنياهو ذريعة؟
مساع أميركية لاحتواء تركيا ودعوتها للتراجع عن الالتزام بالانسحاب من سورية
المنطقة الى جولة تصعيد لترسيم موازين حدود النصر والهزيمة بين المحورين
كتب المحرر السياسي
كان كل شيء يبدو غير مفسر قبل أن يقول الأميركيون للعراقيين في مفاوضات واشنطن لترتيبات الانسحاب الأميركي من العراق، أنهم لا يستطيعون التخلي عن الحاجة لخدمات يؤديها لهم وجودهم في العراق لضمان أمن قواتهم في سورية، وأنهم لا ينوون الانسحاب من سورية، بصفته تتمة انسحابهم من العراق، ونظرا لهذا الترابط فهم سوف يتحدثون عن خطط انسحاب نسبي لا تؤثر على بقائهم في سورية، وهنا بدأت الصورة تتضح، أن واشنطن تريد اتفاقا حول غزة أفضل مما يعرض بنيامين نتنياهو، لكنها لا تقبل باتفاق يمنح المقاومة وحلفها نصرا بائنا، وبالرغم من كلامها عن الرد الايراني الرادع الذي شكل تحولا استراتيجيا في معادلات المنطقة، وقيامها بمنع كيان الاحتلال من الرد على الرد لأن ذلك سيكون دمارا شاملا للكيان وتوريطا بحرب كبرى لواشنطن، تعلم عواقبها وتبعاتها ولذلك لا تريدها، وكذلك فإن واشنطن بالرغم من دعوتها لقيادة الكيان لعدم التورط بمخاطرة شن حرب على المقاومة في لبنان لأن ذلك خطر على أمن ومستقبل "اسرائيل"، كما قال بيان الخارجية الأميركية، وبالرغم من دعوتها للكيان للذهاب الى اتفاق يوقف الحرب في غزة لأن ذلك سوف يعني وقفا للنار في جبهة لبنان، تبدو واشنطن تتذاكى، تريد كسب العائدات الإيجابية لها وللكيان من ترابط الجبهات ووحدة الساحات، لكنها لا تريد التعامل وفق معادلة هذا الترابط، وهي تعلم أن الثمن الذي لا يمكن لقوى المقاومة قبول ما دونه، هو انسحاب القوات الأميركية من سورية و العراق، لاعتبار الحرب قد انتهت.
بعد خروج جيش الاحتلال عن صمته بدا نتنياهو محاصرا، وعاجزا عن رفض الذهاب الى الاتفاق، واضطر لارسال وفده المفاوض الى القاهرة والدوحة، ولا يبدو استرداد نتنياهو حيوية القدرة على الرفض والتعطيل في ظل صمت الجيش إلا تعبيرا عن إدارة أميركية لمعادلات التفاوض، باتخاذ اتفاق غزة رهينة مقابل ضمان بقاء الاحتلال الأميركي في شرق سورية، وبهذه الحجة بقائه في العراق.
التحول الذي أزعج الأميركيين وقرع لهم جرس الانذار كان التموضع التركي المعلن لجهة الذهاب الى المصالحة مع الدولة السورية بشروط السيادة السورية وفي طليعتها الالتزام بالانسحاب التركي من شمال غرب سورية، وهذا يعني بالنسبة لواشنطن أن زمن البقاء في سورية يقارب من نهايته، وأن العد التنازلي للجماعات الكردية المسلحة قد بدأ، وأن عغلى واشنطن اما ان تقرر الانسحاب أو تقرر خوض الحرب التي سعت وتسعى لتفاديها، ولا يبدو محور المقاومة مترددا في خوضها، لذلك بدأت مناورة أميركية جديدة لاحتواء الرئيس التركي رجب أردوغان وإقناعه بالتراجع عن التزامه، وهو ما تساءلت مصادر تركية متابعة عما اذا كان الكلام عن مخاوف أردوغان من حرب بين الناتو وروسيا بداية له؟
كل ملفات المنطقة مترابطة، بما فيها مصير المصرف المركزي في صنعاء، لكن الكلمة تبقى للميدان، ولذلك تتصاعد المواجهات من غزة الى البحر الأحمر الى ما ينتظر العراق وسورية وانتهاء بحجم الأداء الناري لبجهة لبنان.
2024-07-11 | عدد القراءات 51